«أدعى ايزابيل، عمري 12 عاماً»، هكذا تقدم الشرطية سيريل نفسها على مواقع التواصل الاجتماعي مدعية أنها طفلة بهدف الايقاع بمن يستغلون المواقع الإلكترونية للتحرش جنسياً بالأطفال. وقد بات حساب ايزابيل، التي يفترض أنها ابنة 12 عاماً، شديد الرواج على موقعي «أن آر جي» و«سكايروك»، واصبح لديها عدد كبير من الأصدقاء من بينهم روبير (47 عاماً) وآرتور (62 عاماً). لكن ايزابيل هي في الواقع محققة تدعى سيريل وتبلغ من العمر أربعين عاماً، وهي شرطية في الجهاز التقني للأبحاث القضائية والتوثيق في روسني-سو-بوا الفرنسية الذي سيشارك في المعرض الدولي للأمن على الإنترنت الذي يفتتح الاثنين في مدينة ليل. وتقول هذه المحققة التي انضمت منذ ستة أشهر إلى قسم مكافحة الاعتداءات على القاصرين على الإنترنت: «أنا مكلفة بالتسلل إلى شبكات الإنترنت بهدف البحث عن مرتكبي اعتداءات جنسية على القاصرين». في اذار/مارس 2009 دخل القانون المقر في الخامس من آذار/مارس 2007 حيز التنفيذ ولو متأخراً، وهو يشرع لعناصر الشرطة «التواصل من خلال أسماء وهمية عبر الإنترنت» مع أشخاص يشتبه في أنهم متورطون في حالات تحرش جنسي. وابتداء من ساعة خروج التلاميذ من المدارس، تقبع سيريل مع زميل آخر لها أمام شاشة الكمبيوتر. ويروي زميلها وهو رب أسرة: «ننتحل صفة أشخاص قاصرين وندخل إلى شبكات التواصل الاجتماعي والمنتديات». وقد اتقن هذا الرجل في بضعة أشهر المفردات والتعابير الشائعة بين المراهقين والقاصرين. ولاتقان عمله، لا بد له من القيام بكل ما يقوم به هؤلاء القاصرون مثل الاهتمام بالمغني الكوري الجنوبي ساي صاحب أغنية «عانغام ستايل». ويقول: «أنا أتصرف تماماً كأي فتاة في الثانية عشرة من عمرها. لذلك نتابع آخر أخبار النجوم والأفلام التي تهم هذه الفئة العمرية». ويتم اختلاق هذه الشخصيات بدقة كي تكون مقنعة، وبالتالي تحديد المدرسة التي تتابع فيها دروسها وعمل ذويها، واهتماماتها. ويتم إعداد ملف كامل عن كل شخصية بشكل يسمح بأن تنتقل إدارة الحساب الوهمي من عنصر أمن إلى آخر من دون أن يسبب ذلك أي خلل او اضطراب. ويقول عنصر الأمن هذا: «للأسف لا نحتاج إلى وقت طويل لاستقطاب متحرشين بالأطفال» مشيراً إلى أنه في بعض الحالات «ينقض ما بين 10 و20 متحرشاً على الحساب خلال خمس دقائق». ويضيف: «الأمر لا يصدق لكنها الحقيقة». وبحسب رجل الأمن فإن التحرش يطال كل الأعمار وكل الفئات الاجتماعية. والطريقة المشتركة للمتحرشين هي: «أن يصطادوا ضحاياهم في الأوقات التي يكثر استخدام الأطفال فيها للإنترنت». وما إن يتم التواصل: «يبدأ السعي للذهاب ابعد من ذلك» تنتهي بالاتفاق على موعد للقاء، بحسب ما تشرح سيريل. ويكون مسك ختام المهمة بالنسبة إلى سيريل وزميلها اعطاء موعد للمتحرش يكون كميناً للقبض عليه. ومنذ السماح لعناصر الأمن بالتواصل عبر الإنترنت من خلال أسماء وهمية للايقاع بالمعتدين، جرى القبض في أربع سنوات على عدد كبير من المتحرشين جنسياً بالأطفال بمعدل خمسين شخصاً سنوياً. والشرط القانوني الوحيد في هذه العمليات هو ألا يتم استفزاز المتحرش، حتى لا يقع تحت طائلة ابطال العملية، بل يجب «جعله يكشف عن نفسه عن طريق الحيلة». ويقول رجل الأمن: «إننا نضع الطعم كأننا ذاهبون إلى الصيد»، متحدثاً عن «ردود فعل انفعالية» صدرت منه أحياناً تجاه متحرشين. وهو يراجع طبيباً نفسياً مرتين في السنة، ويعود بعد عمله في المساء إلى عائلته. وهذا الرجل هو أب لطفل في العاشرة من عمره لا يملك جهاز كمبيوتر لأن والده يعتبر أن: «الأطفال في هذا العمر لا يحتاجون إلى الكمبيوتر».