تصطدم النساء الراغبات في العمل السياسي في الأردن، بخاصة في مناطق وادي الأردن (الأغوار)، بالتمييز ضدهن من الرجال. ولا تشعر بذلك التمييز سوى النساء اللواتي خضن تجارب انتخابية للفوز بمقعد نيابي أو بلدي. ويتعزّز التمييز حيال الإناث في المناطق الريفية والبدوية حيث ما زالت العشيرة فيها تفرض سطوتها على الأفراد في ثقافتهم وتقاليدهم ونظرتهم إلى المرأة ودورها في المجتمع وطبيعة علاقاتهم مع الدولة والعشائر الأخرى. ولا تجد الدولة، حلاً للمعضلة غير تخصيص عدد من مقاعد البرلمان للمرأة (كوتا) لا يتجاوز 15 من أصل 150 مقعداً، في مجلس النواب الأردني. لكن كثيرات من النساء اللواتي يتمتعن بكفاءات يحجمن عن الترشح تحت ضغط ثقافة المجتمع القبلي، وعدد قليل منهن فقط يستطعن التحرر من عقدة الخوف تلك. في المقابل، تجد نساء «البيزنس» في المناطق الحضرية، مثل عمّان، الدعم والمساندة من المحيط، ما يفرز في كثير من الأحيان نواباً نساء لسن على قدر المسؤولية ولا يمثلن قريناتهن تمثيلاً حقيقياً. حتى اللواتي كسرن حاجز التقاليد في الأرياف ورشحن أنفسهن للانتخابات، يواجهن ضغوطاً شديدة من رجال العشائر الذين يرون أنهن لا يصلحن لهذه المهمة، وأن ثمة رجالاً يستطيعون حمل هموم أبناء العشيرة إلى المسؤولين بكل جرأة وقوة. ولا تتوقف معاناة النساء المرشحات عند صدّ الرجال لهن، بل حتى قريناتهن من النساء لا يجدن غضاضة في القول لهن إنهن لن يصوّتن لهن في الانتخابات، من باب الغيرة والحسد، أو حتى انصياعاً لضغط أزواجهن. تقول صباح الشعار إنها عوّلت في ترشحها عن الدائرة الرابعة في الأغوار الجنوبية التابعة لمحافظة الكرك (200 كيلومتر جنوب عمّان) على أن الزمان تغيّر، وأن الناخب في الأغوار لا بد من أن ينتخب على أساس الكفاءة، بعيداً عن التعصّب ضد المرأة. وتؤكد أن ثمة ناخبين يؤمنون بأهمية وجود المرأة في البرلمان المقبل. وتعترف بأنها تتعرض لضغوط دائمة لسحب ترشيحها، لافتة إلى أن المرأة في الأغوار تواجه سطوة ذكورية تمنعها من لعب دور جدي في تنمية المجتمع. وتشير إلى أن مرشحات ال «كوتا» يواجهن تحدياً في إقناع الناخب بمنحهن صوتاً في ظل موروث ثقافي عن دور المرأة يقتصر مفهوفه على تدبير شؤون المنزل. المرشحة فتحية البوات تؤكد انها تعرضت لضغوط من الذكور للانسحاب، فيما تحظى بدعم من نساء قريتها التي تعد من أشدّ المناطق فقراً في المملكة. وتوضح أنها واجهت «حرباً» من رجال قريتها، فضلاً عن ترويج إشاعات بأنها غير قادرة على الوصول بسبب حاجة ال «كوتا» إلى أصوات كثيرة لضمان وصولها إلى البرلمان. وتلفت إلى أن هدفها هو رفع المستوى المعيشي لأبناء قريتها، وإيجاد فرص عمل للفتيات والشباب. يذكر أن 203 سيدات ترشحن للانتخابات النيابية الأخيرة، من أصل 1528 مرشحاً. وترى رئيسة «جمعية سيدات غور الصافي» نوفة النواصرة أن مشاركة المرأة في الانتخابات تعزز دورها في المشاركة السياسية والدفاع عن الحقوق المهمّشة للنساء. كما تشير إلى قدرتهن على تولي مناصب قيادية في المجتمع. ويرى كثيرون أن ال «كوتا» منحت المرأة تمثيلاً في مجلس النواب، ولولاها لكان عدد النواب النساء في المجلس لا يتجاوز الأربع، داعياً المواطنين إلى تغيير قناعاتهمواختيار من تتوافر لديهن المواصفات القيادية والمناسبة لدور «نائب الأمة».