أكد اختصاصيون في مكافحة الفساد، أن الظواهر السلبية للفساد تؤدي إلى عواقب وخيمة على الدول، مشيرين إلى أنه يعطل التنمية ويخلق عدم استقرار في الأسواق، ويملؤها بسلع مغشوشة، مطالبين بتضافر الجهود لمكافحته. وأشاروا في ندوة متخصصة استضافتها غرفة تجارة الشرقية أمس، إلى توسيع دور مؤسسات القطاع الخاص في مكافحة الفساد، لأنه أصبح ظاهرة ذات تأثير سلبي يمس الاقتصاد الوطني في شكل مباشر. وتحدث في الندوة المشرف على المركز الوطني للمنشآت العائلية بمجلس الغرف السعودية محمد دخيل الله السلمي، إذ أكد أن الفساد ظاهرة موجودة في كل المجتمعات، فهو مقابل الصلاح، ويعرّف بأنه الخروج عن السلوك الصحيح، وإساءة استخدام الوظيفة العامة من أجل كسب خاص، ويتجلى في مظاهر عدة كالرشوة والغش التجاري، والهدايا والمحاباة. وقدّر حجم مبلغ الفساد عالمياً ب1300 بليون دولار، يمثل 4 في المئة من الناتج المحلي العالمي، و12 في المئة من التجارة العالمية. وأضاف خلال الندوة التي حضرها الأمين العام للغرفة عبدالرحمن الوابل، وأدارها مساعد الأمين العام للشؤون القانونية في مجلس الغرف السعودية سعود المشاري، أن الفساد يأتي من أسباب عدة، منها ما هو اجتماعي كسوء التربية وضعف الوازع الديني، ومنها ما هو إداري من تعقيد الإجراءات وعدم وجود الرقابة الكاملة، ومنها ما هو اقتصادي مثل ضعف الرواتب وارتفاع تكاليف المعيشة، وقد يكون هذا الفساد سياسياً أو إدارياً أو أخلاقياً أو مالياً. وقال: «آثار الفساد عدة، منها أنه يشكل بيئة طاردة للاستثمار، ويعطل عجلة التنمية، ويزود الأسواق بسلع ذات جودة رديئة، أو يؤدي إلى ندرة سلع أخرى، فيسهم في رفع الأسعار، وفي زيادة الفقر وسحق الطبقة المتوسطة، ونقص فرص العمل، ومنع الفرص أمام الفئات الأكثر كفاءة». مشيراً إلى أن من الآثار السلبية الاقتصادية في سوق المملكة والناجمة عن الفساد التستر التجاري، والتوظيف الوهمي، والعمالة السائبة، وانتشار السلع المقلدة. وذكر أن القطاع الخاص يتحمل جزءاً من المسؤولية، فمن ناحية يتعرض إلى حالات من الفساد، بالتالي هو معني بمكافحة هذه الظاهرة، لأن وجود حالة فساد في منشأة خاصة كفيل بتشويه سمعتها وخروجها من السوق، وبالتالي فلا بد من بناء شراكة بين القطاعين العام والخاص والمؤسسات الاجتماعية والإعلامية لمكافحة هذه الظاهرة، والقيام بحملات توعية وبرامج تدريبية وتعليمية لرصدها وتبيان معالمها وأخطارها. ودعا إلى إنشاء مركز وطني يهدف إلى تفعيل دور قطاع الأعمال لمكافحة الفساد، ووضع حوافز للمؤسسات المقاومة والمكافحة للفساد، وإنشاء هيئة لمكافحة الفساد بالتعاون بين الجهات الحكومية المعنية ومجلس الغرف. من جانبه، مساعد نائب الرئيس لمتابعة الأنظمة والمخالفات في الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عبدالرحمن العجلان، تحدث عن دور الهيئة الوطنية لتحقيق الشفافية، وقال إن المملكة ذات تجربة طويلة في مكافحة الفساد وتحقيق النزاهة، وأصدرت طوال تاريخها 40 نظاماً لتحقيق النزاهة ومكافحة الفساد، واستمر أداء المملكة في هذه المكافحة، وتضاعف مع انضمامها لمنظمة التجارة العالمية، وذلك انطلاقاً من كون الفساد معوقاً للتنمية ومخالف للعدالة، و تنجم عنه خسائر تقدر على المستوى العالمي بحوالى تريليون دولار، منها 300 بليون دولار خسائر الاقتصاد العربي. وأشار إلى أن الدول التي تتميز بمستوى عال من النزاهة ذات ميزات اقتصادية عالية، على رغم أن ثرواتها لا يمكن أن تقارن بدول أخرى يتحكم في أوصالها الفساد بظواهره المختلفة، وأضاف: «الفساد كفيل بتحقيق تراجع اقتصادي واضح حتى لو كانت الدولة ذات ثروات طائلة». وأوضح العجلان أن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تسعى إلى تشخيص المشكلة من خلال تنظيم قاعدة معلومات وطنية لحماية النزاهة، تشمل جميع الوثائق النظامية والإدارية، ورصد المعلومات والبيانات والإحصاءات الدقيقة عن حجم المشكلة، وتصنيفها وتحديد أنواعها وأسبابها وآثارها ومدى انتشارها، وإتاحة هذه المعلومات للراغبين في البحث والدراسة، وحثّ الجهات الأكاديمية ومراكز البحوث المتخصصة على إجراء المزيد من الدراسات والبحوث في المجال نفسه. إلى ذلك، تستضيف غرفة تجارة حفر الباطن ندوة حول «غسل الأموال ومكافحة الإرهاب». وأوضح الأمين العام لغرفة حفر الباطن أنور العنزي أن خطر غسل الأموال أصبح منتشراً على صعيد العالم في الآونة الأخيرة، وأضاف أنه لا بد من رفع مستوى الوعي لدى المواطنين بخطر غسل الأموال.