دعت «منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة» (فاو) وألمانيا أمس إلى استحداث زيادات ملموسة ومهمة في الاستثمارات المسؤولة في القطاع الزراعي بهدف اجتثاث الجوع وتلبية احتياجات السكان المتزايدين في العالم. جاء ذلك خلال اجتماع عقدته في برلين وزيرة الغذاء والزراعة وحماية المستهلك الألمانية إليزيه آيغنير مع المدير العام ل «فاو» جوزيه غرازيانو دا سيلفا بعد اختتام الأسبوع الزراعي العالمي في العاصمة الألمانية. وأشار المسؤولان إلى أن «الاستثمارات في الزراعة ما زالت منخفضة جداً في المناطق والأقاليم التي تستشري فيها مستويات خطيرة من الفقر والجوع وسوء التغذية». وشدّدت آيغنير على أهمية «التركيز على المزارعين بسبب دورهم الأساس في بيئة المناطق الريفية، إذ تتاح أعلى إمكانات توليد القيمة المضافة سواء بمقياس التنمية الاقتصادية أو ضمان الأمن الغذائي للدول المعنية»، مضيفة أن «الحكومة الألمانية تخصص 700 مليون يورو سنوياً لدعم الأمن الغذائي والتنمية الريفية في الدول النامية، وإحدى أبرز أهدافها تأمين زيادات مستدامة في الإنتاج الزراعي من خلال ترويج التوعية والتدريب على المستويات المحلية، وباشرنا العمل في عدد من برامج التدريب الزراعية المهمة». تهيئة الظروف وشدّد سيلفا على أن «الاستثمار الزراعي أثبت منذ زمن أنه من الوسائل الأكثر فاعلية واستدامة لاحتواء الجوع والفقر، والمطلوب الآن زيادة الاستثمارات وتحسينها، بينما يبقى الخيار أمام الحكومات الوطنية، بمساعدة المجتمع الدولي، لتهيئة ظروف تتيح الاستثمار للمزارعين لتمكينهم من زيادة استثماراتهم في شكل يكفل إنتاج فوائد اقتصادية واجتماعية ويحقق نتائج بيئية مستدامة». ويوجد حالياً 870 مليون شخص يُعتبرون الأشد فقراً، أي ما نسبته واحد من كل ثمانية أشخاص، ويعانون الجوع ويعيش معظمهم في المناطق الريفية من الدول النامية. وحض المجتمعون الحكومات على المساهمة في تطوير توجيهات الاستثمار الزراعي المسؤول، ولمحا إلى عزمهما طرح هذه القضية أمام الحكومات وممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص في إطار لجنة الأمن الغذائي العالمي «سي أف أس». وأكدا ضرورة أن تستهدف الاستثمارات الزراعية الفقراء تحديداً في المناطق الريفية من تلك الدول، وأن تساعد الاستثمارات على أن تصبح نظم الزراعة والإنتاج أكثر ملاءمة للبيئة وأقل تبذيراً وأكثر إنصافاً وصموداً في وجه العوامل الخارجية المستجدة. بليون مزارع وشدّدا على ضرورة «أن يصبح أكثر من بليون مزارع في مركز اهتمام استراتيجيات الاستثمار الجديدة، لأنهم يشكلون أكبر طرف مستثمر في القطاع الزراعي بعد مستثمري القطاعين العام والخاص والأطراف الأجنبية، ففي 76 بلداً من فئتي الدخل المنخفض والمتوسط يستثمر المزارعون نحو 170 بليون دولار سنوياً في مزارعهم، أي نحو 150 دولاراً لكل مزارع»، ووفقاً لتقديرات «فاو» يمثّل ذلك ثلاثة أضعاف موارد الاستثمار الأخرى مجتمعة، بما في ذلك الاستثمار العام، واستثمار القطاع الخاص الأجنبي، والمساعدات الإنمائية الرسمية. وأكد أهمية «إيلاء اهتمام خاص إلى صغار المزارعين الذي يحتاجون إلى الدعم للتغلب على الحواجز التي تحول دون زيادة إنتاجيتهم من الغذاء، وتحقيق مزيد من التوفير والاستثمار»، موضحين أن «المزارعين في أمس الحاجة إلى بيئة داعمة تجعل قطاع الزراعة جذاباً لاستقطاب الاستثمارات، وإلى حوكمة جيدة وحوافز واضحة ومُنصفة، إضافة إلى الوصول إلى البنية التحتية الجيدة والخدمات والمعلومات المحسنة في المناطق الريفية، ولا بد للحكومات الوطنية أن تلتزم بضمان تطبيق هذه الشروط والمتطلبات الأساس».