ارتفع عدد ضحايا العملية التي نفذها الجيش الجزائري ل «تحرير» رهائن احتجزهم مسلحون إسلاميون في منشأة لتكرير الغاز في جنوب البلاد، ليصبح وفق حصيلة غير نهائية أكثر من 80 شخصاً، بينهم 32 مسلحاً، فيما أعلنت الحكومة الجزائرية أن الخاطفين كانوا من ست جنسيات وأنهم هددوا بتفجير المنشأة ما لم يتم الإفراج عن مئة مسلح إسلامي مسجونين منذ أكثر من 15 عاماً. وأسفر هجوم الجيش الجزائري عن مقتل 32 مسلحاً و23 من الرهائن، إضافة إلى 25 جثة أخرى على الأقل ما زال الجيش يتحقق من هوية أصحابها. وأكد مصدر أن بين القتلى تسعة يابانيين أعدمهم الخاطفون. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر أمني أن قوات الجيش اعتقلت خمسة من الخاطفين أحياء، وتبحث عن ثلاثة آخرين فروا. وأفاد وزير الاتصال (الإعلام) الجزائري محمد السعيد أمس بأن المسلحين الذين اعتدوا على منشأة تيغنتورين (1300 كلم جنوب شرقي الجزائر العاصمة) ينتمون إلى ست جنسيات على الأقل «من بلدان عربية وأفريقية وبلدان غير أفريقية»، مشيراً إلى أنه يعتقد بأن ثلاثة فقط منهم جزائريون. وأكد أن الجيش يواصل تأمين المنشأة بحثاً عن ضحايا آخرين محتملين. وقال: «أخشى مع الأسف أن ترتفع هذه الحصيلة»، موضحاً أن «الحصيلة النهائية ستعرف خلال الساعات المقبلة». وأعلن أمير «كتيبة الملثمون» في «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» مختار بلمختار المكنى خالد أبو العباس، تبني العملية في تسجيل مصور وزع أمس وبدا أنه سُجل قبل هجوم الجيش الجزائري على المنشأة أول من أمس. وقال: «إننا في تنظيم القاعدة نعلن تبنينا لهذه العملية الفدائية المباركة... ونحن على استعداد للتفاوض مع الدول الغربية والنظام الجزائري شرط وقف العدوان والقصف على الشعب المالي المسلم، خصوصاً إقليم أزواد واحترام خياره في تحكيم الشريعة الإسلامية على أرض أزواد». وأضاف أن العملية «قادها أربعون مجاهداً مهاجرين وأنصاراً من بلاد إسلامية شتى بل وحتى من بلاد الغرب باسم الموقعون بالدماء»، مؤكداً أنها تأتي «انتقاماً من النظام الجزائري لسماحه لمستعمر الأمس باستعمال أرضنا وأجوائنا لقتل أهلنا وإخواننا في مالي». وأضاف: «أما بالنسبة إلى الأميركيين فنقول إننا على استعداد لمبادلة جميع رهائنكم عندنا مقابل إطلاق سراح الشيخ والعالم الصابر عمر عبدالرحمن (المدان بالتحريض على الإرهاب) وإرجاعه إلى أهله وذويه في مصر، ولو كان لدينا ألف منكم لفديناه بهم وفاء لعلمه وهجرته وجهاده وأختنا الصابرة (الباكستانية المعتقلة في الولاياتالمتحدة بتهمة الإرهاب) عافية صديقي فرج الله كربتها». وأظهر تسجيل صوتي بثته السلطات الجزائرية أمس لمفاوضات بين ضابط جيش وقائد مجموعة الخاطفين «أبو دجانة» قبل بداية هجوم الجيش، أن الخاطفين اشترطوا الإفراج عن مئة إسلامي معتقلين لدى الجزائر منذ أكثر من 15 عاماً. وقال إن «القائمة عند بلمختار وفي حال موافقتكم سنجلبها»، فرد المفاوض: «سننقل طلبكم إلى القيادة»، قبل أن يطلب «أبو دجانة» منه أن يقابله وجهاً لوجه وحذره من أن تأتي قوة دعم معه. وأصدرت وزارة الداخلية الجزائرية بياناً عقب هجوم القوات الخاصة للجيش دافعت فيه عن الهجوم. وقالت إن «الجزائر واجهت عدواناً إرهابياً واسع النطاق هدد حياة مئات الأشخاص واستقرار منشآت اقتصادية استراتيجية بدأ بهجوم شنته جماعة إرهابية مدججة بالسلاح على حافلة كانت تقل 19 أجنبياً يعملون لحساب مجمع سوناطراك-بريتيش بيتروليوم-ستاتويل مرفوقين بعناصر من الدرك الوطني كانت متوجهة إلى مطار عين أمناس، وأسفر هذا الاعتداء الذي تصدت له بقوة وحدات المرافقة عن مقتل جزائري وبريطاني وجرح 6 أشخاص (4 جزائريين وبريطاني ونروجي)». وأضافت أنه «عقب الاعتداء قام الإرهابيون باقتحام قاعدة الحياة التي تبعد ثلاثة كيلومترات ومنشأة معالجة الغاز في تيغنتورين حيث تم احتجاز الرهائن». وأشارت إلى أن «الجماعة الإرهابية التي دخلت إلى الأراضي الجزائرية من دول مجاورة على متن سيارات رباعية الدفع عدة مكونة من 32 مجرماً بينهم 3 جزائريين واختصاصيون في المتفجرات». وبحسب الرواية الرسمية، فإن «ما جعل تدخل القوات الخاصة للجيش الوطني الشعبي معقداً الحرص على الحفاظ على الأرواح البشرية والأخطار المتعلقة بطبيعة المنشآت الغازية والكيفية التي صمم بها الموقع والخطر الذي كان يهدد الرهائن... وحتى لا تأخذ الأحداث منعرجاً دموياً وأمام الخطورة القصوى للوضع بالنظر إلى عزم الإرهابيين الواضح على الفرار من الوطن مع الرهائن وتفجير المنشآت الغازية، قامت القوات الخاصة للجيش بعملية عملياتية ومهنية بتدخل دقيق قصد القضاء على هذه الجماعة الإرهابية». وأشارت إلى أن هذا التدخل أسفر عن «تحرير 685 عاملاً جزائرياً و107 عمال أجانب والقضاء على 32 إرهابياً ووفاة 23 شخصاً». وأكد البيان مصادرة أسلحة بث التلفزيون الحكومي صوراً لها لاحقاً بينها رشاشات وبنادق قنص ومدفعا هاون وقذائف وصواريخ مع منصات إطلاق وقذيفتا صواريخ وقنابل يدوية في شكل أحزمة ناسفة. مواقف دولية ودافع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن تعامل الجزائر مع أزمة الرهائن، مشيراً إلى أن «عدد القتلى في الهجوم على محتجزي الرهائن كان كبيراً جداً، لكن السلطات واجهت موقفاً لا يحتمل». وقال إن «من السهل القول إنه كان يجب القيام بهذا أو بذاك. السلطات الجزائرية اتخذت قراراً وعدد القتلى مرتفع جداً، لكنني أشعر بقدر من الضيق حين يكون الانطباع هو أنه يجب مساءلة الجزائريين. كان عليهم أن يتعاملوا مع إرهابيين». وعرض الرئيس الأميركي باراك أوباما تقديم أي مساعدة تحتاجها الحكومة الجزائرية. وقال إن واشنطن تسعى إلى الحصول على «توضيح أفضل من السلطات الجزائرية في شأن ما حدث هناك». لكنه رأى أن «المسؤولية عن هذه المأساة تقع على عاتق الإرهابيين الذين نفذوها والولاياتالمتحدة تدين أعمالهم بأقوى العبارات الممكنة، ونحن على اتصال مستمر مع المسؤولين الجزائريين ونقف مستعدين لتقديم أي مساعدة يحتاجونها عقب هذا الهجوم، وسنواصل أيضاً العمل عن كثب مع كل شركائنا لمكافحة وبال الإرهاب في المنطقة». وأكد أن الهجوم تذكرة أخرى للتهديد الذي تشكله «القاعدة» والجماعات المسلحة الأخرى في شمال أفريقيا. وأوضح: «سنظل خلال الأيام المقبلة على اتصال وثيق بالحكومة الجزائرية للحصول على توضيحات أفضل لما حدث حتى نستطيع العمل معاً لمنع حدوث مثل هذه المآسي في المستقبل». وقالت بريطانيا إن ستة من رعاياها قتلوا أو فقدوا بينما أعلنت النروج أنها قلقة على خمسة من رعاياها.