طالب ناشطون ومنظمات حقوقية سورية بفتح تحقيق دولي عاجل في «مجزرة» في حمص الثلثاء الماضي، قتل فيها المئات بينهم نساء وأطفال، بعضهم حرقاً أو طعناً. يأتي ذلك فيما قتل أحد عشر شخصاً بينهم سبعة أطفال وثلاث نساء أمس في قصف بالطيران الحربي على مخيم الحسينية في ريف دمشق الذي يقطنه لاجئون فلسطينيون ونازحون سوريون جنوبدمشق، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقالت لجان التنسيق المحلية إن 85 قتلوا أمس بنيران قوات النظام معظمهم في ريف دمشق. فيما أفاد ناشطون عن انفجار سيارة مفخخة في طريق الزاهرة الجديدةبدمشق. كما تجددت الاشتباكات العنيفة في مدينة رأس العين في الحسكة «بين مقاتلين من وحدات حماية الشعب الكردي ومقاتلين من كتائب مقاتلة عدة، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى. وعن القصف على مخيم الحسينية، قال المرصد في بيان إنه قتل أحد عشر شخصاً بينهم سبعة أطفال جميعهم إناث، مشيراً إلى «وجود جثث أخرى تحت الأنقاض»، من دون تحديد عددها وذلك نتيجة قصف بالطيران الحربي تعرضت له منطقة مخيم الحسينية القريب من السيدة زينب جنوبدمشق. وأشار المرصد إلى أن»غالبية القتلى هي من الفلسطينيين»، قضوا نتيجة إلقاء الطيران الحربي ثلاثة صواريخ على الجهة الغربية من المخيم المؤلف من منازل صغيرة من طبقة أو طبقتين، ويقطن فيه لاجئون فلسطينيون ونازحون سوريون من هضبة الجولان. وأوضح المرصد أن المنطقة «خارج سيطرة النظام»، وشهدت اشتباكات على أطرافها ليل الأربعاء - الخميس. وأظهرت صور وأشرطة فيديو عرضها الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، دماراً واسعاً في المنطقة، مع محاولة مجموعة من الشبان انتشال الجثث والبحث عن أخرى تحت الأنقاض. إلا أن ناشطين قالوا إن عدد القتلى وصل إلى 25 في القصف على الحسينية. وتأتي هذه الأحداث غداة مقتل 148 شخصاً في أعمال العنف في مناطق عدة أول من أمس. كما أفاد المرصد بأن الطيران الحربي شن غارات جوية على مناطق عدة في محيط دمشق، منها مدينتا داريا ومحيطها والمعضمية (جنوب غرب). وتنفذ القوات النظامية منذ فترة حملة عسكرية واسعة في ريف العاصمة للسيطرة على معاقل للمقاتلين المعارضين يتخذونها قاعدة لهجماتهم في اتجاه دمشق. ودارت أمس اشتباكات في محيط إدارة الدفاع الجوي في المليحة، بينما تعرضت مناطق عدة للقصف من القوات النظامية، وفق المرصد. من جهة أخرى، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن «مجموعة إرهابية مسلحة اغتالت العقيد المهندس وليد العبود أمام منزله في قطنا في ريف دمشق»، مشيرة إلى أنه شقيق العضو في مجلس الشعب خالد العبود. ونقلت الوكالة عن العبود قوله إن «إرهابيين أطلقوا النار على شقيقه صباح اليوم (أمس) أمام منزله في قطنا أثناء توجهه إلى عمله، ما أدى إلى استشهاده على الفور»، وهو من مواليد عام 1964، متزوج وله ابنتان وصبي. وفي محافظة الحسكة (شمال شرق)، تدور اشتباكات عنيفة في مدينة رأس العين «بين مقاتلين من وحدات حماية الشعب الكردي ومقاتلين من كتائب مقاتلة عدة»، ما أدى إلى مقتل ثلاثة مقاتلين أكزاد وسبعة مقاتلين معارضين، وإصابة 59 من الطرفين بجروح، وفق المرصد. وأوضح مدير المرصد رامي عبدالرحمن في اتصال هاتفي مع فرانس برس أنها «المرة الأولى التي تتجدد فيها الاشتباكات بهذا العنف» في هذه المدينة الحدودية مع تركيا منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حين اندلعت معارك استمرت أياماً بين المقاتلين الأكراد والمقاتلين المعارضين الذين دخلوا المدينة في التاسع من الشهر نفسه. وشارك في الاشتباكات في حينه مقاتلون من «جبهة النصرة» ولواء «غرباء الشام» الإسلاميين المتطرفين من جهة، ومقاتلون من «لجان حماية الشعب الكردي» غالبيتهم من حزب الاتحاد الديموقراطي، وهو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني. وأوضح عبدالرحمن أن المجموعات الإسلامية «لم تتدخل في الاشتباكات»، مشيراً إلى أن المقاتلين المعارضين يستخدمون دبابات «دخلت إحداها المدينة من الجهة الجنوبيةالغربية». في محافظة دير الزور (شرق)، قال المرصد إن طائرة حربية شنت غارة جوية «على أطراف مدينة البوكمال استهدفت خلالها حاجز السكرية». في محافظة حماة (وسط)، تعرضت بلدة كفرنبودة للقصف بالطيران الحربي، وفق المرصد الذي تحدث عن «معلومات أولية عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى». وفي محافظة إدلب (شمال غرب)، تحدث المرصد عن مقتل «ما لا يقل عن أربعة مواطنين بينهم سيدتان إثر قصف من طائرة حربية على قرية سرجة»، مرجحاً ارتفاع العدد «بسبب وجود مواطنين تحت الأنقاض». إلى ذلك أفاد المرصد السوري، في تفاصيل جديدة حول عمليات الجيش السوري في حمص وريفها منذ منتصف الأسبوع، بأن أكثر من مئة شخص قتلوا في عملية اقتحام منطقة قرب مدينة حمص بدأتها القوات النظامية السورية الثلثاء واستمرت قرابة 24 ساعة. وأفاد المرصد في بيان أمس عن «معلومات تفيد بارتكاب النظام السوري مجزرة جديدة الثلثاء ذهب ضحيتها نحو 106 سوريين بينهم نساء وأطفال»، مشيراً إلى أنهم سقطوا «إثر اقتحام القوات النظامية بساتين الحصوية الواقعة بين الكلية الحربية وحاجز ديك الجن والمنطقة الصناعية» إلى الشمال من مدينة حمص وسط سورية. وأوضح أن من بين الضحايا عائلة مؤلفة من 14 شخصاً بينهم ثلاثة أطفال، إضافة إلى عائلة من 32 فرداً «تم توثيق أسماء ثمانية منهم». وأشار إلى أن «بعض الشهداء أحرقوا داخل منازلهم، وبعضهم قتل بالسلاح الأبيض». وكانت القوات النظامية بدأت منذ الثلثاء عملية اقتحام لهذه المنطقة المؤلفة من بساتين ومزارع، والواقعة على مسافة خمسة كيلومترات إلى الشمال من مركز مدينة حمص. وأوضح مدير المرصد رامي عبدالرحمن في اتصال هاتفي مع فرانس برس أن العملية «استمرت من صباح الثلثاء حتى صباح الأربعاء»، وأن المعلومات تفيد عن «دفن غالبية الشهداء أمس». وقالت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من النظام أمس، إن «وحدات الجيش (النظامي) حققت تقدماً ملحوظاً في الريف الحمصي، حيث طهرت قريتي الحويصة والدوير وبساتينهما الممتدة من مطعم ديك الجن وحتى تحويلة حمص - حماة من المسلحين». وأوضح عبدالرحمن أن المنطقة تضم نحو ألف نازح من المدينة التي تفرض القوات النظامية حصاراً على عدد من أحيائها منذ أشهر، ناقلاً عن ناشطين في المنطقة قولهم إنها «خالية من المقاتلين المعارضين». وانتقد المرصد «الصمت الدولي على ما يجري في حمص من حصار وتدمير لأحيائها منذ أشهر وارتكاب المجازر فيها في شكل مستمر ونزوح معظم سكانها والقصف المستمر لريفها». ودعا المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، إلى إرسال «فريق تحقيق دولي في شكل عاجل إلى مدينة حمص للتحقيق بما يجري فيها من مجازر وتهجير لأهلها». وفي أيار (مايو) 2011 شهدت محافظة حمص مقتل 108 أشخاص بينهم تسعة أطفال و34 امرأة في بلدة الحولة الأمر الذي ألقى مراقبون من الأممالمتحدة مسؤوليته على الجيش والميليشيات الموالية للنظام. وقال أبو يازن وهو ناشط من المعارضة في حمص إن الجيش السوري الحر المعارض كان يدخل مزارع بساتين الحصوية في بعض الأحيان لمهاجمة أكاديمية عسكرية قريبة. وأضاف «قوات الأسد تعاقب المدنيين على السماح للمعارضين بدخول المنطقة». وذكر ناشط آخر أنه لم يتضح بعد أي جماعة مسؤولة عن تنفيذ الهجوم لكنه قال إن بعض الضحايا أحرقوا على ما يبدو بعد قتلهم - وهو ما تقول المعارضة إنه فعل يقدم عليه الشبيحة في غالبية الأحيان، لكن النيران اشتعلت في منازل عدة أثناء الهجوم ما قد يفسر سبب احتراق الجثث. إلى ذلك ظهرت في لقطات مصورة على موقع للتواصل الاجتماعي على الإنترنت، ما يعتقد أنها ضربة جوية في منطقة الرستن بمحافظة حمص أمس. وظهرت في لقطات أخرى على الإنترنت انفجارات ضخمة فيما يعتقد أنه حي داريا في دمشق. وفي مقطع مصور آخر ظهرت دبابتان تابعتان لجيش النظام السوري في شارع في داريا. وأطلقت دبابتان فيما يبدو النار مباشرة على مبنى.