بعد خمسة عقود من الفن الشعبي رحل طاهر بن علي القطيفي رسمياً والأحسائي شهرة، مخلفاً إرثاً كبيراً من الأعمال الفنية، التي ستبقى خالدة في ذاكرة جمهوره ومحبيه، الذين سبقت غالبيتهم القطيفي إلى الرحيل، فيما من تبقى منهم تجاوز العقد الرابع من العمر، باستثناء قلة قليلة من الشباب، الذين تستهويهم «أغاني زمان». الأحسائي الذي رحل عن عمر يناهز العقود الثمانية، كانت كنيته الحقيقية «القطيفي»، ولكن انتماءه إلى الأحساء سكناً، منحه اسماً فنياً ظل راسخاً في قلوب محبيه. وولد طاهر في مدينة المبرز التي اشتهرت بعدد من المطربين، ومن أشهرهم: مطلق دخيل، وعيسى الأحسائي، الذي كانت تربطه بطاهر علاقة «قوية» قبل أن يفترقا. واشتهر طاهر بعدد من الأغاني، وكانت أول أغنية له «سبحان من أنبع الماء وأنبت الأخضر»، من كلمات الشاعر عبدالله السبعي وتم تسجيلها في البحرين، ومن أشهر أغانيه أيضاً «الله على الجمس» من كلمات حمد أبوسطوة، وتعاون الأحسائي خلال مسيرته الفنية مع عدد من الشعراء، من أبرزهم محمد الجنوبي، الذي شكل والأحسائي ثنائياً موسيقياً. ولم يتخصص الأحسائي في لون محدد، وغنى أبيات غزل، ورثاء ومدح، إضافة إلى الأغاني الوطنية، وأخرى من التراث الخليجي، والذي لا يمكن أن ينسى الأحسائي وما قدمه له. وشهدت الدمام قبل عامين تكريماً لطاهر الأحسائي في جمعية الثقافة والفنون التي غصت بجمهوره، فيما أصر محبوه ومعجبوه على الاستماع لصوته، من خلال أغنية يقدمها مع رفقائه في الحفلات السابقة، التي كانت حديث المعجبين بداية الثمانينات، من خلال الحفلات التي قدمها في المنطقة الشرقية والرياض. واصطحب طاهر رفقاءه في تلك الأيام إلى المسرح، ليقدموا أغنية «يا طالب العلم ادرس تعلم... ترى للعلم ميداني»، مقدماً عزفه المعروف وبخبرة خمسة عقود بآلة العود الخاصة به، مقدماً اعتذاره للجمهور على صوته وصحته، إلا أن الجمهور تفاعل وصفق له، ووثق حفلة التكريم التي أقيمت له من خلال هواتفهم المحمولة. وأكد عدد من رفاق الأحسائي «تميزه بخلقه وطيبته، إضافة إلى صوته الشجي وشعبيته الكبيرة وفنه المتخصص فيه، وهو فن الصوت الذي يجيده كما يجيد العزف الموحد، وتميزه في الأغنية الشعبية والمسموعة على مستوى الخليج، في حين وصفوه بأحد رواد الفن الشعبي». وذكر علي الابن الأكبر لطاهر الأحسائي، أن والده شارك في المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية، التي كان لها كبير الأثر في نفس والده وأبنائه، من خلال القصيدة التي غُنيت «نُحيي شباب تعلم من جامعتنا، تخرج راح للعمل في أماني»، ولم يغفل دور الإذاعة والتلفزيون في بروز والده، من خلال السهرات والبرامج الفنية، وخصوصاً برنامج «وتر وسمر»، الذي كان يقدمه آنذاك الفنان جميل محمود.