عادت قضية «قتل الثوار» إلى واجهة الأحداث السياسية في مصر، إذ قضت محكمة النقض التي تعد أعلى سلطة قضائية، بإعادة محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من كبار قادة الأمن، قبل أقل من أسبوعين على حلول الذكرى الثانية للثورة التي أطاحت النظام السابق. ومن المنتظر أن تحدد محكمة الاستئناف المصرية في غضون أيام دائرة جديدة ليمثل أمامها مبارك ورموز نظامه وموعد بدء المحاكمة. وفي وقت أعلن الرئيس محمد مرسي تمسكه بقيام دولة مدنية في مصر، أعلن الاتحاد الأوروبي تقديم قروض ومساعدات بقيمة 6.5 بليون دولار لدعم الانتقال الديموقراطي في مصر التي يعاني اقتصادها أزمة مالية خطيرة. وقبلت محكمة النقض أمس طعوناً قدمتها هيئة الدفاع عن مبارك والعادلي ضد أحكام بالسجن 25 عاماً صدرت في حقهما مطلع يونيو (حزيران) الماضي. كما قبلت طعوناً تقدم بها النائب العام السابق عبدالمجيد محمود ضد أحكام البراءة التي صدرت في حق 6 من القيادات الأمنية السابقين. وبذلك يُعاد النظر في قضية قتل الثوار برمتها، لكن قرار النقض يعني أن حكم السجن 25 عاماً سيكون المدة القصوى التي يحق للمحكمة الجديدة إصدارها في حق الرئيس السابق ووزير داخليته، الأمر الذي يختلف بالنسبة إلى مساعدي العادلي، إذ يحق للمحكمة إصدار أي أحكام تراه مناسبا. وكان ممكناً أن يؤدي قرار المحكمة أمس إلى إطلاق مبارك الذي يعالج في مستشفى عسكري في ضاحية المعادي المطل على نيل القاهرة، بعدما قضى في السجن أكثر من 18 شهراً، أي أكثر من الفترة التي يتيحها القانون المصري. لكن إطلاقه مرهون بتسوية محاميه قضايا تتعلق بمزاعم عن «كسب غير مشروع وتربح مالي». وتمكن محامو مبارك بالفعل أمس من تسوية إحدى تلك القضايا عندما سدد 18 مليون جنيه قيمة هدايا تلقاها من مؤسسة «الأهرام» الحكومية. وكانت نيابة الأموال العامة استبقت قرار النقض، وقررت سجن مبارك 15 يوماً على ذمة تحقيقات في القضية. في غضون ذلك، أعلن رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي أن الاتحاد الأوروبي ومؤسسات مالية أخرى عرضت على مصر أكثر من خمسة بلايين يورو (6.5 بليون دولار) لدعم التحول الديموقراطي في البلاد، مؤكداً في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس محمد مرسي في القاهرة أن أوروبا تريد أن تنجح التجربة الديموقراطية في مصر. واستهل الرئيس المصري كلمته أمس بتأكيد التزامه استكمال «بناء مؤسسات الدولة الدستورية وصولاً إلى الحكم الرشيد ودولة القانون في إطار الدولة المدنية الحديثة». ورد عليه رومبوي مطالباً بإشراف دولي على الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو مطلب رئيسي لقوى المعارضة، مؤكداً أن الاتحاد الأوروبي مستعد لإرسال مراقبين لمتابعة عملية الاقتراع. وسألت «الحياة» الرئيس مرسي عما يعرقل عودة العلاقات الطبيعية بين مصر وإيران، فأجاب بأن الملف الرئيسي الذي يتم مناقشته في الزيارات الإيرانية لمصر هو سورية «التي تسيطر على كل هذه اللقاءات، ونريد أن يتحقق لسورية الأمن والاستقرار، ونحن نفعل ذلك من خلال المبادرة الرباعية والاشقاء العرب والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، ووقف إطلاق النار ونزيف الدم، ولا مجال للنظام الحالي، ودور الشعب السوري، ونحن ضد استخدام العمل العسكري من خارج سورية لحسم الصراع هناك، ومبدأنا أننا ضد تقسيم سورية بأي شكل من الاشكال، سورية واحدة تضم كل الشعب السوري».