قصف الطيران الفرنسي معقل المتشددين في غاو، عاصمة شمال مالي أمس، فيما أرسلت باريس تعزيزات إلى العاصمة باماكو، في انتظار وصول قوة أفريقية من دول مجاورة، لإخراج المسلحين المرتبطين بتنظيم «القاعدة»، من شمال البلاد. وإذ أُفيد بمقتل قيادي بارز في جماعة «أنصار الدين»، أقرت باريس ب «صدمتها» لمواجهة قواتها في مالي مجموعات إسلامية «مجهزة ومدربة في شكل جيد» وتمتلك «معدات حديثة متطورة». وبدأ رئيس الوزراء المالي ديانغو سيسوكو زيارة للجزائر للمناقشة التطورات والاطلاع على هواجسها في شأن التدخل الغربي في المنطقة. وتخشى عواصم أجنبية أن يحوّل متشددون مالي قاعدة لشنّ هجمات على الغرب، من خلال تعاون مع أعضاء «القاعدة» في اليمن والصومال وشمال أفريقيا. وقصفت مقاتلات ومروحيات فرنسية مواقع ل «أنصار الدين» في شمال مالي، شملت مستودعات أسلحة وذخيرة ووقود، في بلدات ليري ودوينتزا ونامبالا. وأعلن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان أن 4 مقاتلات فرنسية من طراز «رافال» أغارت على أهداف في غاو، ودمرت معسكرات تدريب ومخازن، فيما أفاد سكان في المدينة أن الشوارع خلت من المسلحين بعدما دمرت «كل قواعدهم». وأشار لو دريان إلى أن المقاتلات الفرنسية واصلت غاراتها ل «منع زحف (المسلحين) نحو الجنوب، وتحقق ذلك جزئياً، لكن ليس في شكل كامل». وأضاف: «تدخلنا سيتواصل لدفعهم إلى الانسحاب والإفساح في المجال أمام القوات المالية والأفريقية للتقدم واستعادة السيادة على أراضي البلاد». وأكد أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «مصمم تماماً على وجوب القضاء على الإرهابيين الذين يهددون أمن مالي وبلدنا وأوروبا». وأعلن لو دريان نشر 80 جندياً إضافياً، ما يرفع إلى 550 عدد العسكريين الفرنسيين في مالي، غالبيتهم في باماكو، تساندهم مقاتلات من طراز «رافال». وأشار إلى أن فرنسا تحظى بمساندة استخباراتية ولوجستية من الولاياتالمتحدة، فيما خصصت بريطانيا طائرة نقل عسكرية، ستقدّم دعماً لوجستياً للجيش الفرنسي. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مقربين من هولاند إن القوات الفرنسية تواجه في مالي مجموعات متشددة «مجهزة ومسلحة ومدربة في شكل جيد»، لافتين إلى أنها «استولت في ليبيا على معدات حديثة متطورة أكثر صلابة وفاعلية مما كنا نتصور. ما صدمنا بقوة هو حداثة تجهيزاتهم وتدريبهم وقدرتهم على استخدامها». وأوضحت المصادر أن «الأمر لا يتعلق، بوقف هجوم المجموعات الإسلامية نحو جنوب مالي فحسب، بل حملها على مغادرة شمال البلاد»، وأشارت إلى أن الدول الأفريقية أدركت «كم أن هذه المجموعات المدججة بالسلاح، خطرة وقادرة على إسقاط دول أخرى هشة في المنطقة في غضون أشهر». في غضون ذلك، أعلن مصدر أمني مقتل القيادي في «أنصار الدين» عبد الكريم المعروف باسم «كوجاك»، في المعارك بين الجيش المالي والإسلاميين في بلدة كونا وسط البلاد. وأشار رئيس مالي ديونكوندا تراوري إلى أن المعارك أوقعت 11 قتيلاً و60 جريحاً في الجيش المالي، مؤكداً مواصلة المعركة «حتى النصر النهائي». ويُنتظر وصول قوة من 3300 عسكري، من دول «المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا» (إيكواس)، لمساندة الجيش المالي، فيما أعلنت ساحل العاج إرجاء «قمة استثنائية» لرؤساء دول المجموعة حول مالي، إلى السبت المقبل، بعدما كانت مقررة بعد غد. إلى ذلك، أقر لو دريان بأن مقاومة «حركة الشباب» في الصومال كانت «أكثر قوة مما كان متوقعاً»، أمام وحدة كوماندوس فرنسية أُنزلت في جنوب البلاد لإطلاق عضو في الاستخبارات الفرنسية يحتجزه الإسلاميون منذ ثلاث سنوات. ورجّح لو دريان «مقتل» الرهينة الفرنسي، «بيد حراسه»، لكن المتشددين أكدوا أنه ما زال حياً.