تصاعدت التظاهرات العراقية المنددة بسياسات الحكومة التي اتخذت إجراءات مشددة لمحاصرة المتظاهرين، إذ أعلنت أمس إغلاق منفذَيْ الوليد وربيعة الحدوديين مع سورية، بعد يومين من إغلاق منفذ طريبيل مع الأردن إلى ذلك، حمّلت المرجعية الشيعية السلطات العليا والسياسيين مسؤولية الأزمة، داعية إلى فصل السياسة عن القوانين الإجرائية، والعمل على ترسيخ دولة مدنية لا تفرّق بين العراقيين. وعمّت مدن الفلوجة والرمادي والموصل وتكريت وبعقوبة وكركوك، بالإضافة إلى حيّ الأعظمية في بغداد، تظاهرات حاشدة في»جمعة عراقنا واحد»، للمطالبة بإلغاء قانوني الإرهاب والمساءلة والعدالة، ورفعت بعض التظاهرات سقف مطالبها داعية إلى إسقاط حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي. وفرضت قوات الأمن أطواقاً حول المتظاهرين، واشتكى عدد كبير من خطباء المساجد وزعماء العشائر في الموصل وتكريت وديالى من مضايقة المحتجين. في المقابل رفع مئات المتظاهرين في النجف شعارات تدافع عن المالكي وصوراً لبعض السياسيين السنة وعليها علامة x ، ولم ينجح مؤيدو الحكومة في تنظيم تظاهرة مليونية في ساحة التحرير في بغداد، وقال نواب عن كتلة «دولة القانون» التي يتزعمها رئيس الوزراء، أن التظاهرة الكبيرة ستكون اليوم في المكان نفسه. وبصرف النظر عن قدرة حشد المتظاهرين من الطرفين، فإن تبايناً شديداً في المطالب يعقّد مهمة لجنة وزارية شكّلها المالكي أول من امس للبحث في المطالب، برئاسة نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني، وكشفت مصادر مقربة منها أنها تدرس إطلاق نحو 3000 معتقل لم تثبت التهم المنسوبة اليهم كبادرة حسن نية. وفي مقابل إرسال الحكومة رسائل متضاربة حول استعدادها لتقديم تنازلات، فإنها شددت أمس محاصرة المتظاهرين، معلنة إغلاق منفذَيْ الوليد في محافظة الأنبار وربيعة في محافظة نينوى مع سورية، بعد يومين من إغلاق منفذ طريبيل مع الأردن. واعتبر المتظاهرون إغلاق المنافذ بمثابة عقاب جماعي لأهالي الأنبار الذين تشكل حركة التجارة مع الأردن عصب حياتهم. وكانت أسعار السلع والمواد الغذائية شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في معظم مدن العراق كردة فعل على إغلاق المنافذ الحدودية. وفيما طالب خطباء المساجد السنية مرجعية النجف بالتدخل في الأزمة، دعا عبد المهدي الكربلائي، ممثل المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، الأطراف السياسية العراقية للعمل على تهدئة الأزمة، وطالب الأجهزة الأمنية بضبط النفس وعدم الاصطدام مع المتظاهرين، والحكومة بالاستجابة لمطالبهم المشروعة. وحمَّل «السلطات السياسية مسؤولية الأزمة»، داعياً إلى فصل السياسي عن الإجرائي والعمل على ترسيخ دولة مدنية لا تفرق بين عراقي وآخر. في سامراء، انتقد مفتي الديار العراقية رافع الرفاعي، «قيام ميليشيا مسلحة بالاستعراض وسط بغداد أمام مرأى ومسمع القوات الحكومية ومن ثم تنظيم مؤتمر تهدد فيه بإبادة الشعب العراقي إذا استمر في التظاهر للمطالبة بحقوقه المشروعة»، في إشارة إلى تظاهرة «كتائب حزب الله» و«عصائب اهل الحق» في وسط بغداد وتهديدها ب «إبادة البعثيين» في حال تم إلغاء قانون «المساءلة والعدالة».