لا تبدو مسقط معنية كثيراً ببطولة كأس الخليج المقامة في العاصمة البحرينية، وهي التي عاشت على مدار ثلاث بطولات تسيّر شوارعها أعراساً من أجل منتخبها الذي فك عقد «المركز الأخير» الذي لازمته طويلاً، ووصل إلى 3 نهائيات حصد آخرها في خليجي 19 بين جمهور، ووضع بصمة أفراحه على كل حارة وسكة وجدار في جميع قرى عمان، على امتدادات الجغرافيا ومصاعب التضاريس. ربما شكّلت الدورة الأخيرة في اليمن التي خرج البطل فيها من الدور الأول بعد بطولات ثلاث صال فيها وجال ليكون طرفاً دائماً في نهائياتها صدمة للجمهور العماني في «خليجي 21» فلم يتفاءل كثيراً، وترك الأمر للمصادفة، وكأنه يقول إنه لا يأمل شيئاً، وإن حصل النصر فنحن مع «الأحمر»، وإلا فإن في الحياة ما يكفي من مصاعب لا تحتاج إلى ما يصيب الإنسان من ضغط نفسي جراء مشاهدة فريق يلعب وفق مقولة «يوم حلو يوم مر». وكان يمكن لمباراة المنتخب العماني مع شقيقه القطري أن تعيد الحيوية للشارع في مسقط وجاراتها في بقية محافظات الدولة، لو أن «الأحمر» استطاع كسب النقاط الثلاث تضاف إلى نقطة حصدها في مباراة سيئة في افتتاح البطولة مع المنتخب المضيف، وكانت الأجواء مهيأة للمضي في إحياء الحلم العماني مرة أخرى في الفوز بكأس الخليج، فنجوم الأحمر قادرون على العودة لو تمتعت بمزاج جيد على المستطيل الأخضر. سيطر المنتخب العماني على مباراته أمام «العنابي»، وخرج من الشوط الأول وقد أضاع مهاجموه فرصاً أكيدة تألق في إبطال مفعولها الحارس المتألق قاسم برهان، فإذا بهم يجدون هدفاً قطرياً يدخل مرمى حارسهم الشاب مازن الكاسبي من ركلة جزاء، فلم تفدهم السيطرة بشيء، فالكرة تعاقب العاجز عن هز الشباك وهو القادر على فعل ذلك، وبعد أن حل التعادل ترقب الشارع العماني هدف الفوز للفريق الذي يصول ويجول أمام المرمى القطري، فإذا هم يتلقون الصدمة من اللاعب القطري البديل محمد السيد، هذا الذي أغرق عشاق «الأحمر» في حزن، لكنه لم يُفرح الدوحة فقط، بل انتشل مدرب العنابي أتوري من «التفنيش»، فضربتان في الرأس «أشبه بالفجيعة» وخسارة أخرى للقطري لم تكن تعيد «العنابي» لدياره، بل المدرب أيضاً. العمانيين تلقوا الضربة هذه المرة، وبقي الجمهور العماني حائراً، فريقه قدم متعة كروية لكنه الحظ مرة أخرى، أو الفشل في هز الشباك، ويبحثون عن الأسباب، اللاعبون «لم يقصروا» في تقديم أداء جميل، والمدرب قدم تشكيلة مناسبة استطاعت السيطرة على المباراة، وبقي الحكم اليمني أقرب لتحميله مسؤولية الهزيمة. لكن بقي أمر مهم، مسقط لا تعيش أجواء البطولة الخليجية، ففي كل مرة يتحيّن الشارع للاحتفاء بنصر كروي يحققه «الأحمر» الذي يلقبونه ب«سامبا الخليج» تأتي نكسة كروية تعيد فرحتهم إلى المربع الأول، ففي العقد الأخير لم يعد العمانيون يتوقعون هزيمة منتخبهم، خصوصاً على مستوى المنتخبات الخليجية، فهو القادر على الفوز، الفوز فقط، أما الخسارة فتذكرهم بزمن كان فيه الأحمر العماني استراحة الفرق في بطولات كأس الخليج، لكنه مع هؤلاء النجوم لا يليق به إلا.. النصر.