احتلت مواد البناء الصدارة في نشاط قطاع التشييد في دول المنطقة والتأثير عليه. وكانت للقطاع أهمية كبيرة على مستوى التطور والنشاط العمراني الذي تشهده الدول منذ البداية، إذ حقق قطاع مواد البناء قفزات نوعية على مستوى القدرات الإنتاجية والتوسع الأفقي في المنتجات التي ساهمت مباشرة في تلبية حاجات السوق المتزايدة. وساهمت الصناعة في جذب مستويات مرتفعة من رؤوس الأموال الاستثمارية على المستويين المحلي والخارجي تبعاً لمستويات الطلب، ناهيك عن الكميات الكبيرة المستوردة من الخارج، لسد العجز في الأسواق آنذاك. لكن أزمة المال العالمية، وفق ما أفادت شركة «المزايا القابضة» في تقرير أسبوعي، «انعكست تراجعاً في الطلب إلى مستويات خطيرة جداً، وفقدت الاستثمارات قيمتها الحقيقية نظراً إلى صعوبة التسييل والبيع أو إعادة نقل الصناعة من مكان إلى آخر، لأنّ التراجع الحاصل كان شاملاً في كل دول العالم». في المقابل سجلت أسواق مواد البناء «تقلّبات حادة وانخفاضاً على مستوى الشفافية في الأسعار السائدة، ما أوقف عدداً كبيراً من هذه الصناعات، وأفضى إلى تعثر منتجين ومستثمرين كثر أيضاً، إلى أن عاد الانتعاش والتعافي إلى القطاع العقاري ودخلت دول المنطقة في المرحلة الاستثمارية الثانية بقوة». ورجح التقرير، ارتفاع معدلات الطلب على مواد البناء في دول المنطقة في الفترة المقبلة، تبعاً لما تشهده هذه الدول من تواصل محموم للنشاطات العقارية والإنشائية»، فيما تستحوذ مشاريع تطوير البنية التحتية «على حصة كبيرة من حجم الطلب على مواد البناء حالياً». ونقل عن بيانات متداولة، أن مشاريع البنية التحتية «ستتجاوز قيمتها 86 بليون دولار وفق الأرقام الصادرة عن شركة «فنتشرز انسايت»، إذ يعكس النشاط الاقتصادي زيادة ملحوظة على قيم العقود وأنواع المشاريع». ويُتوقع أن «تتجاوز قيم التعاقدات على مشاريع البنية التحتية في الكويت 3.4 بليون دولار، وفي قطر 26 بليوناً، والإمارات 15 بليوناً خلال العام الحالي». فيما يُرجح أن تتخطى هذه التعاقدات في مشاريع البنية التحتية في السعودية 29 بليون دولار، وأن تستحوذ مشاريع البنية التحتية على أكثر من 16 في المئة من مشاريع الإنشاءات في دول المنطقة. وتأتي في طليعتها مشاريع القطارات والسكك الحديد وشبكات النقل». يُذكر أن الاستثمارات الخليجية «تتجه إلى نحو تريليون دولار حتى عام 2018، في أكثر من 117 مشروعاً للبنى التحتية، وسيُموّل جزء كبير منها من طريق الصكوك، نظراً إلى تدني مستويات الأخطار وإمكان تقدير معدل العائد عليها». وأشار تقرير «المزايا» إلى أن الطاقات الإنتاجية المتوافرة في دول المنطقة من حديد التسليح، تظهر قدرة على تلبية الطلب المحلي، إذا ما أُديرت هذه الطاقات وفق منظور شامل، بحيث تغطي دول الفائض، دول العجز في كل الظروف». إذ تشهد وتيرة النشاط العمراني «موجات من المد والجزر في دول المنطقة، ما يعطي مشاريع الحديد كفاءة أكثر في الإنتاج والتسويق والتوزيع وعند أعلى مستوى متوقع من الأسعار، وانخفاض التقلّبات والتشوهات الناتجة عن إدارة الطاقات الإنتاجية في شكل منفرد لدى كل دولة». ولفت إلى أن عدد المصانع العاملة في قطاع صناعة الحديد والصلب «وصلت إلى 184 نهاية عام 2011، مقارنة ب 84 مصنعاً نهاية عام 2000. وفي المقابل تضاعفت الاستثمارات لتصل إلى 19.3 بليون دولار». وأكدت «المزايا» مجدداً ضرورة «إيجاد آليات عمل أكثر كفاءة لمراقبة أسعار مواد البناء ومتابعتها في أسواق المنطقة، بحيث تعكس قوى العرض والطلب في شكل دائم وتجنب حدوث مضاربات وتشوهات حادة في أسعار مواد البناء والتلاعب بالمعروض عند كل توقع لارتفاع الطلب عليها». وتدل المؤشرات على أن «عدداً كبيراً من أسعار مواد البناء ارتفع في النصف الأول من السنة، وبلغ الارتفاع 6 في المئة على الاسمنت والخرسانة الجاهزة وحديد التسليح في السوق المصرية، كنتيجة مباشرة لانخفاض قيمة الجنيه ورفع أسعار الوقود والكهرباء إضافة إلى تأثير الزيادة في تكاليف معظم مواد البناء». في المقابل أشارت الإحصاءات الصادرة عن مركز الإحصاء في أبو ظبي، إلى تسجيل ارتفاعات في أسعار مواد البناء في أيار (مايو) الماضي مقارنة بنيسان (إبريل)».