رصد تقرير حديث تباينا في الآراء حول أسباب توجهات أسعار الحديد في أسواق المنطقة، حيث اعتبرها البعض ممارسات احتكارية من بعض المستوردين وتجار الحديد بينما اعتبرها البعض الآخر رد فعل طبيعيا لارتفاع أسعار الخام من مصدره، فيما عدها طرف ثالث على أنها نتاج طبيعي لارتفاع أسعار الخام وعودة الطلب إلى أسواق العقارات بعد نحو عامين من الركود. ولاحظ تقرير شركة المزايا القابضة تسلمت "الرياض" نسخة منه أنه فيما تعاني أسعار حديد التسليح سواء المحلية أو المستوردة من ارتفاع في الأسعار تبدو أسواق الأسمنت في وضع مغاير ولكن لها مشاكلها الخاصة، وأوضح التقرير الأسبوعي أن أسواق الأسمنت في الإمارات تعاني من الإغراق الذي أثر في الأسعار وعلى مصانع الأسمنت المحلية الأمر الذي اضطر بعضها إلى إغلاق أبوابها. وتعتبر مادة الحديد من المواد الأساسية التي تدخل في عملية التطوير العقاري والتشييد، حيث قدرت بعض المصادر أن حجم مشاريع الإنشاءات التي خطط لها أو قيد التطوير حاليا في دول مجلس التعاون الخليجي الست تبلغ قيمتها تريليوني دولار، فيما شهدت منطقة مجلس التعاون الخليجي عام 2009 توقيع عقود مشاريع قاربت قيمتها 52 مليار دولار، مع توقعات أن يرتفع هذا الرقم إلى مستويات أعلى في عام 2010. وأشار تقرير المزايا إلى ارتفاع أسعار حديد التسليح بنسب فاقت 50 بالمئة خلال أقل من أسبوعين يعد عاملا يهدد انتعاش قطاع المقاولات والعقارات التي بدأت تظهر في الأفق ويعيد إلى الأذهان المضاربات الضارة التي رفعت أسعار حديد التسليح وغيره من المواد الأولية الداخلة في البناء والتشييد إلى مستويات خيالية أضرت بالمستهلك والسوق والشركات، فيما استفاد منها قلة من المضاربين. ورصد التقرير آراء محللين من الإمارات قالوا ان التذبذب وارتفاع أسعار مادة الحديد، والتي تجاوزت حاجز 57 بالمئة خلال أسبوعين فقط، من 2100 درهم للطن الواحد، في منتصف الشهر الماضي، إلى 3300 درهم هذا الأسبوع، معتبرين أن ذلك سينجم عنه سلبيات، ولاسيما صغار المقاولين الذين لم يأخذوا حذرهم، وقبلوا الدخول في مشروعات جديدة بهوامش أرباح متدنية. يذكر أن أسعار الحديد شهدت حركة ارتفاع قوية في الفترة الأخيرة، حيث ارتفع سعر الطن من 1900 درهم في يناير من العام 2010 إلى 3100 درهم في بداية ابريل الجاري، ثم عاد للانخفاض إلى أقل من 3000 درهم للطن مؤخرا. وكذلك يجدر ذكر أن أعلى مستويات لأسعار الحديد سجلت في العام 2008، عندما ارتفع سعر الطن إلى 6200 درهم. وارتفعت أسعار الحديد العالمية عندما قررت شركات فال البرازيلية وبي.اتش. بي بيليتون وريو تينتو - وهي أكبر ثلاث شركات لتعدين الحديد الخام في العالم ولها الكلمة العليا في سوق الخام البالغ حجمها 80 مليار دولار- التحرك لتعديل النظام القياسي السنوي لتحديد الأسعار، ليصبح ربع سنوي وبالتالي أكثر حساسية لتحرك الطلب والعرض. وعليه ارتفعت أسعار كريات الحديد (البيليت) في منطقة البحر الأسود وتركيا إلى 650 دولارا للطن في الأسبوع الأول من أبريل نيسان لتدفع أسعار الصلب في الإمارات إلى حوالي 844 دولارا للطن من 547 دولارا في وقت سابق. وحذرت تقارير حديثة من أن أسعار الحديد السائدة ستجهض محاولات تعافي القطاع العقاري، مشيرة إلى أن محدودية إنتاج الإمارات من الحديد، وكذلك الصعوبات التي تواجه عملية فتح باب الاستيراد على مصراعيه للموردين، بحكم أن هناك اشتراطات معينة ومواصفات ومقاييس جودة للمنتج قبل دخوله الأسواق، ما يعني تحكم شريحة قليلة من المسيطرين على الحديد بالأسواق ارتفاعا وانخفاضا. وفي السعودية أشار تقرير المزايا إلى رفض المجلس الاقتصادي الأعلى السعودي التدخل لتحديد أسعار الحديد في المملكة مؤكداً على حرية السوق وعدم التدخل في الأسعار لحل المشكلات الاقتصادية، فيما أكدت السلطات السعودية ابقاء الرسوم الجمركية على الحديد المستورد البالغة 5 بالمئة والتي فرضتها مطلع العام. ولاحظ التقرير ارتفاعا في أسعار حديد التسليح في السعودية من جانب، بالإضافة إلى تفاوت في أسعار الحديد المصنع محليا والمستورد من جهة أخرى ما ساهم في استمرار شح الحديد في السوق وانتشار البيع عن طريق السوق السوداء مرة أخرى. وبين التقرير أن المصانع السعودية المنتجة للحديد قامت بتخفيض إنتاجها للضغط على الأسعار التي تحددها وزارة التجارة والصناعة، في وقت لوحت فيه الوزارة بإيقاع العقوبات على التجار والمستثمرين المزايدين في أسعار حديد التسليح، ويدخل ضمن هذا النطاق حديد التسليح المصنع محلياً أو المستورد. وبين التقرير أن أصحاب المصانع يعتبرون أن الزيادة في الأسعار تعود إلى الخام الذي يشكل ما يصل إلى 90 بالمئة من التكاليف الإجمالية في مصانع حديد التسليح وفقاً لطرق وتقنيات كل مصنع، فيما تشكل العناصر الأخرى كالكهرباء والغاز النسبة الباقية. حيث يقدر سعر طن حديد التسليح في قطر ب2214 ريالا، أما في عمان والبحرين والكويت فالأسعار مقاربة للأسعار في السعودية بمعدلات 2200 ريال للطن. وتوقعت مصادر عاملة في هذا القطاع أن يرتفع الطلب في السوق السعودية على الحديد خلال العام الجاري بنسبة 8 بالمئة ليبلغ الاستهلاك نحو 6.4 ملايين طن، فيما تبلغ الطاقات الإنتاجية الإجمالية للمصانع المحلية نحو 7.3 ملايين طن لدى تشغيلها بكامل طاقاتها، وتزخر سوق المملكة بالكثير من الفرص المهمة في قطاع الإنشاءات. ووفقا للأرقام الصادرة عن وزارة التجارة والصناعة فإن السوق السعودية ستعاني نقصا في عدد الوحدات السكنية بين 160 إلى 200 ألف وحدة في العام. وستحتاج إلى 1.2 مليون وحدة سكنية بحلول عام 2015، ولن تتمكن السوق من توفير سوى 900 ألف وحدة بحسب المؤشرات المتخصصة، ولذلك قامت المملكة بتخصيص 69 مليار دولار لتطوير مجموعة من المشاريع الجديدة بما في ذلك مشاريع البنية التحتية الخدماتية، والجامعات، والمستشفيات، وخطوط السكك الحديدية، والمطارات والموانئ.