ما أكثر ما نتحدث سلباً عن دورة الخليج لكرة القدم التي تجاوز عمرها أربعة عقود، فكثير من الآراء ترى بأنها أدت دورها، وآن لها أن تتوقف، وهناك آراء ترى أهمية استمرار البطولة وتطويرها. شخصياً أجد نفسي ممن ينحازون إلى الرأي الثاني، خصوصاً أن دورة الخليج هي الحقيقة الوحيدة الثابتة في عالمنا العربي، بل إنها كانت أول وأهم وحدة بدأت واستمرت إلى وقتنا الحاضر. وفي ظني بأن كل من يرى ويطالب بتوقفها لا ينظر إلا إلى اللون الغامق في هذا التجمع الرياضي الفريد، من دون أن يكلف نفسه النظر الى الألوان الفاتحة التي يحكي كل منها قصصاً من أفضال دورة الخليج على كرة القدم في بلداننا الخليجية. ربما يرى البعض بأن دورة الخليج أشبه بمن يكتب على سطر ويترك سطراً، وأنا أتفق مع هؤلاء، بحكم أنها قدر لا بد من استمراره، كونها أصبحت تمثل جزءاً من حياة المواطن الخليجي، بل إنها وصلت لتكون أحد موروثاته التي لا يمكنه الاستغناء عنها. لا أبالغ في هذا الوصف، خصوصاً عند ذلك الجيل الذي شهد بدايات دورة الخليج قبل أن تكون هناك بطولات إقليمية أخرى، لم يعقها أنها بدأت بأربعة منتخبات، لتصل بعد ذلك إلى ستة منتخبات خليجية، لتنضم العراق واليمن، فتشكل ثمانية منتخبات «6+2». لكنني أتمنى إن أردنا الحفاظ على دورة الخليج، أن نبعدها عن الأجواء المشحونة، وأن نخرجها من مقولة «بطولة الشيوخ»، فليس هناك اسم لها غير دورة الخليج، فقد تحققت كل أهدافها الجميلة وأولها تأهل منتخباتنا الخليجية إلى كأس العالم منذ بداية من الثمانينات وما أعقبها. نعم، هي لم تعد ذات قيمة فنية، ولكنها تجمع خليجي لا يمكن التخلي عنه، بل يمكن تطويره انطلاقاً من دعوة الأمير خالد الفيصل صاحب فكرة دورة الخليج، الذي نادى أخيراً بأن تكون هناك فعاليات مسرحية وفنية وتراثية مصاحبة لدورة الخليج. ولا شك بأن شخصية بقامة الأمير خالد الفيصل، وهو الأمير الشاعر والفنان، عندما يقترح مثل هذا الاقتراح، فمن المهم أن يتبنى مسؤولو الرياضة في دول الخليج هذه الفكرة ويحيلونها إلى الدراسة ومن ثم التنفيذ، وبذلك تتحول دورة الخليج إلى ملتقى رياضي ثقافي عائلي. ولعل من الأفكار التي أعجبتني خلال هذه الأيام، التي أفرزتها دورة الخليج الحالية «خليجي 21» بالمنامة، ما قاله رئيس الاتحاد العماني لكرة القدم، السيد خالد البوسعيدي، من تبني الاتحاد العماني لمقترح يمنح بطل ووصيف دورة الخليج التأهل تلقائياً إلى نهائيات كأس آسيا. وإذا ما نجح الأشقاء العمانيون في إقناع الاتحاد الدولي والآسيوي بهذا المقترح، فإن ذلك يعتبر انجازاً وانتصارً لبطولة دورة الخليج، واعترافاً دولياً بها، وهذا ما يجعلني أطالب القيادات الرياضية الخليجية بوضع كامل ثقلها لدعم هذا المقترح للحصول على موافقة دولية. صدى: الفراشات لا تعرف ألوان أجنحتها، ولكن أعين الناس تعرف مدى روعتها! [email protected]