نظّمت «الحركة التقويمية» لجبهة التحرير الوطني، صاحبة الغالبية البرلمانية في الجزائر، محاكمة «افتراضية» للأمين العام عبدالعزيز بلخادم، ونطقت بعد المداولة ب «السجن المؤبد وإقصائه نهائياً من صفوف الحزب»، كما نطقت بتجميد عضوية أعضاء المكتب السياسي. وجاءت هذه الخطوة «الاستعراضية» في ظل أنباء تروّج لقرب رحيل بلخادم عن قيادة الحزب اقتداء بحليفه أحمد أويحيى الذي تنحى قبل أيام من قيادة حزب التجمع الوطني الديموقراطي، ثاني أكبر الأحزاب الجزائرية. وجلس جلول العيجة، عضو اللجنة المركزية لجبهة التحرير، في كرسي رئيس المحكمة والقاضي في قضية الاتهامات الموجهة إلى بلخادم في «محاكمة افتراضية» أقامها وزراء سابقون ينتمون إلى «التقويمية» المناوئة للأمين العام أمام حشد من الإعلاميين. وحرص خصوم بلخادم على تعيين مستشارين وشهود إثبات، بينما أُعطي منسّق الحركة عبدالكريم عبادة حق المرافعة لمصلحة بلخادم الذي لم يتوكل أحد للدفاع عنه. وتدخل منسقو «الحركة التقويمية» تباعاً، متهمين بلخادم بشتى الاتهامات ومنها «الانفراد بتسيير شؤون الحزب والفساد والتلاعب بأمواله (حزب جبهة التحرير)». ونودي في القاعة على «شهود الإثبات»، ومن بينهم الوزير السابق للاتصال عبدالرشيد بوكرزازة الذي قال إن بلخادم «أساء للمجاهدين»، وإن هناك «اتهامات طويلة لا تسعها الأوراق». كذلك تدخل أعضاء «التقويمية» في الولايات ليرثوا واقع الحزب منذ تولي بلخادم قيادته، مقدمين «لوحة سوداء» عن هذا الوضع. وفي سياق التغيير الحاصل داخل ما يُعرف في الجزائر ب «أحزاب السلطة»، حرصت «حركة تقويم وحماية التجمع الوطني الديموقراطي» التي كانت وراء استقالة الأمين العام أحمد أويحيى من منصبه، على تأكيد أنها «تسعى بإخلاص إلى المساهمة في إنجاح برنامج رئيس الجمهورية (عبدالعزيز بوتفليقة) وتفعيل محتوى الإصلاحات المنبثقة عنه». واعتبرت «تقويمية» التجمع في بيان وقّعه يحيى قيدوم، أمس، استقالة الأمين العام أويحيى «نافذة وفورية ابتداء من تاريخ إعلانها» أي في الثالث من كانون الثاني (يناير) الجاري، ورفضت «الاعتداد» بتاريخ انعقاد اجتماع المجلس الوطني الذي حدده أويحيى لتصبح استقالته سارية، ما يعني احتمال وقوع إشكالات قانونية، بما أن تغيير التاريخ لا يصح إلا بوجود توقيعات من ثلثي أعضاء المجلس الوطني وبتأشيرة من وزارة الداخلية. وقدّمت الحركة التقويمية قراءات ترفض «شخصنة» الخلاف بين قادتها وبين أويحيى، قائلة إنها «تسمو بأهدافها النقية عن أي مناورات أو إيحاءات مغرضة تحاول شخصنة مشاكل الحزب و تبرئة يائسة للذمة»، في إشارة إلى رسالة الاستقالة التي تركها أحمد أويحيى خلفه، والتي اعتبر فيها أن «شخصه أصل المشكلة». واعتبرت التقويمية «هذه الاستقالة انتصاراً لمناضلي التجمع وتعزيزاً لوحدة صفوفه»، وذكرت أن منطلقها «كان بفعل التجاوزات والخروقات المترتبة عن التسيير الانفرادي لشؤون الحزب والفساد المتعدد الأوجه الذي تفشى في صفوف التجمع». وأضافت أنها «تسعى إلى لمّ شمل مناضلي الحزب وجميع طاقاته وكفاءاته كافة، وكذلك استرجاع مكانته الطبيعية على الساحة الوطنية، وتحرص في مسعاها على احترام الدستور وقوانين الجمهورية والمساهمة في تعزيز السلم الاجتماعي والاستقرار السياسي». ولفتت إلى أنها «تحرص على احترام النظام العام وتنبذ أي محاولة أو احتمال اللجوء إلى التحريض المبطن الذي قد يوظف لإحداث فوضى في صفوف الحزب». ولفتت الحركة إلى أن ما سمته «الهيئة الوطنية للحزب» المنبثقة عن دورة المجلس الوطني المقبل برئاسة يحيى قيدوم «ستتولى اتخاذ التدابير الضرورية لتسيير شؤون التجمع إلى غاية انعقاد المؤتمر الاستثنائي»، وأعلنت أنها تتجه إلى «تحديد تاريخ انعقاد دورة المجلس الوطني المقبلة دون الاعتداد بالتاريخ الذي حدده الأمين العام المستقيل». لكن الحركة لم تذكر إن كانت ستلجأ إلى وزارة الداخلية من خلال توقيعات ثلثي أعضاء المجلس لتأجيل الدورة، أم أنها ستلجأ إلى منطق «الشرعية» في عدم التقيّد بنصوص القانون الداخلي للتجمع، وهذا قد يضعها في موقع «غير قانوني» مع وزارة الداخلية.