شهد قطاع غزة امس تظاهرة «مليونية» خلال احتفال حركة «فتح» بالذكرى ال 48 لانطلاقتها وانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، في مشهد لا سابق له منذ سنوات طويلة، واكد استمرار شعبية «فتح» في القطاع الذي سيطرت عليه حركة «حماس» منتصف العام 2007. ففي «تسونامي بشري» جارف، «غمر» مئات الآلاف من «الغزيين» الشوارع وصولاً الى ساحة السرايا وسط مدينة غزة، والتي أطلقت عليها «فتح» ساحة الشهيد ياسر عرفات. وأصيب قادة «فتح» بالصدمة من حجم المشاركين قبل حركة «حماس» التي قالت إن نحو نصف مليون شارك في الاحتفال بانطلاقتها في الثامن من الشهر الماضي في ساحة الكتيبة غير البعيدة عن ساحة السرايا. وأكد عباس في خطاب متلفز وجهه الى المشاركين في المهرجان ان «النصر قادم، وسنلتقي بكم في غزة هاشم الأبية في القريب العاجل»، مؤكدا زيارة قريبة له لغزة. ووعد بأن الوحدة الفلسطينية ستكون خطوة في الطريق «لإنهاء الاحتلال» الاسرائيلي. وحضر عدد من كبار مستشاري الرئيس الفلسطيني المهرجان، وزينت الساحة رايات «فتح» الصفراء بدلا من رايات «حماس» الخضراء التي كانت تطغى على المشهد. وبدا المهرجان بمثابة استعراض للقوة، ليس من «فتح» وحدها، بل من التيار الوطني الديموقراطي الليبرالي في وجه المشروع الإسلامي وقواه السياسية، وفي مقدمها «حماس»، خصوصاً في ظل الاصطفاف والفرز بين التيارين في أعقاب الربيع العربي، خصوصا في مصر التي يتأثر قطاع غزة بمجريات الأمور فيها كثيراً. كما بدا المهرجان بمثابة استفتاء على شعبية الحركتين اللتين يدعي كل منهما منذ سنوات طويلة بأنه يمثل الشعب الفلسطيني. وقدّر عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» نبيل شعث عدد المشاركين في مهرجان «الدولة والانتصار» بنحو مليون فلسطيني، أي ما يعادل ثلثي سكان القطاع البالغ عددهم نحو 1.7 مليون مواطن. وعزا مراقبون مشاركة هذه الحشود الهائلة في المهرجان الى حفاظ «فتح» على شعبيتها في القطاع، على رغم القمع وحظر نشاطاتها خلال السنوات الخمس الماضية التي أعقبت الانقسام وسيطرة «حماس» على القطاع وإحكام قبضتها عليه، اضافة الى النقمة الشعبية على سياسات الحركة الاسلامية المعارضة لاتفاقات اوسلو والمتمسكة بالمقاومة خياراً استراتيجياً. كما عزا هؤلاء ارتفاع أعداد المشاركين الى مشاركة أنصار فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، فضلاً عن مواطنين عاديين لا يرون في «حماس» وسياساتها الفصيل المفضل لديهم، ويريدون تقديم دليل للحركة على أنها لم تعد الفصيل الأول على قمة الهرم السياسي الفلسطيني، اضافة الى رفضهم الانقسام وتداعياته ونتائجه. وحمل المهرجان رسائل اخرى الى اسرائيل واميركا مفادها أن الشعب الفلسطيني في غزة قادر على النزول الى الشوارع في أي وقت ومصمم على انهاء الاحتلال واقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وان انتفاضة ثالثة ممكن ان تندلع في أي لحظة ما لم يتوقف الاستيطان والاحتلال. وجرى المهرجان في أجواء إيجابية بعيداً عن الخلافات السائدة منذ الانقسام، اذ قدمت حكومة «حماس» كل التسهيلات المطلوبة لانجاحه واحياء الذكرى، كما هنأت «حماس» في بيان «فتح» في ذكرى انطلاقتها، مشيرة الى انها «تعاملت مع هذا المهرجان باعتباره مهرجاناً للوحدة الوطنية، وتعتبر أن نجاحه هو انجاز لحماس مثلما هو انجاز لفتح... الأجواء الإيجابية هي خطوة على طريق استعادة الوحدة الوطنية». من جانبه، قال رئيس حكومة «حماس» غزة اسماعيل هنية إنه تلقى «اتصالاً من قادة فتح تشكره على الجهود والروح التى أبدتها الحكومة وحماس لتسهيل الاحتفال». وكان مقرراً أن يشارك وفد من قيادة «حماس» في المهرجان، إلا أن «حماس» قالت إن «فتح» طلبت منه عدم الحضور بسبب الفوضى وفقدان السيطرة على منصة الحفلة، علماً ان ذلك ادى الى الغاء بعض فقرات الاحتفال.