لم يمنع حرص المنتجين الزراعيين السوريين على الاحتفاظ بالسوق العراقية، الأخيرة من البحث عن بديل مناسب والاتجاه نحو السوق الأردنية تحسباً لإغلاق الحدود كلياً. وأشار تاجر سوري في اتصال هاتفي مع ال «الحياة» إلى أن «المُصدِّر يجد صعوبة في جمع المواد ونقلها وإيصالها إلى الحدود العراقية، وبدأ بعض المزارعين دفع إتاوات لجماعات مسلحة لتسمح لهم بجني محاصيلهم وبيعها، وحتى الصناعيين يعانون المشكلة ذاتها». وأكد أن «الوضع الاقتصادي في سورية صعب جداً، والمتضرر الوحيد هو المواطن، فهناك من يريد إيصال الخضار إلى دمشق لكن معظم الطرق مغلقة». وأوضح عضو اللجنة الحكومية المشرفة على تنظيم معبر الوليد الحدودي حيدر حسين، أن «الجانب العراقي مازال يسمح للشاحنات التجارية بالدخول لنقل كميات كبيرة من الفواكه والخضار السورية»، ولكنه أكد أن «أعدادها تقل تدريجاً بسبب صعوبات يواجهها المُصدّر السوري في إيصالها إلى الحدود». وقال تاجر الفواكه حسين كنيدح «قبل أحداث سورية، كان المستورد العراقي هو من يُجري اتفاقات مباشرة حتى مع المزارعين داخل سورية ويقوم بمهمة النقل، أما الآن فيمتنعون عن دخول سورية خشية استهدافهم». وأضاف «في حال توقف الصادرات عبر سورية، وهذا الأمر متوقع، فالبديل الأنسب هو السوق الأردنية التي سبق ولبّت احتياجات سوقنا»، مشيراً إلى أن «الإنتاج المحلي بدأ يرتفع بعد الاستقرار الأمني وتشجيع الحكومة لهذه القطاعات عبر آليات الإقراض». وأكد رئيس جمعية منتجي الخضار والفواكه ومصدريها في الأردن زهير جويحان، أن «الكميات المصدرة من الخضار والحمضيات إلى العراق تصل إلى 800 طن يومياً من دون أي معوقات»، موضحاً أن «التزام الجانب العراقي بتعهده فتح السوق أمام الخضار والفواكه الأردنية انعكس على إنتاج مزارعي الأغوار في عملية القطف والتحميل بعد حصولهم على قرار إداري سمح بدخولها». وأشاد بقرار دائرة الجمارك المتضمن إعطاء المصدرين مهلة أسبوعين لاستكمال إجراءات تنظيم بياناتهم الجمركية حول التصدير، لاسيما عبر الجو. وأظهرت دراسة عن الزراعة في العراق أجراها عبد الأمير رحيمة، أن 30 في المئة من سكان العراق يعتمدون على الزراعة كمصدر دخل دائم، في حين تشكل الأراضي الصالحة للزراعة نحو 17 في المئة من مساحة البلاد». وعزت عدم قدرة المزارع العراقي أو الحكومة على سد الحاجة الفعلية للسوق المحلية إلى أسباب عدة، منها أن ما يُستغل سنوياً من الأراضي الزراعية الصالحة لا يتجاوز 12.406 مليون دونم من أصل 177 مليوناً»، مشيرة إلى أن 76 في المئة من الأراضي المزروعة فعلاً تُزرع بالحبوب حصراً، فيما لا تشكل المحاصيل الصناعية إلا أربعة في المئة. ووصفت الدراسة وضع الزراعة في العراق بالمتخلف مقارنة بدول أخرى، إذ يُهدر 80 في المئة من المياه، إلى جانب سوء استعمال الوسائل الحديثة في الري والمهارة والتكنولوجيا وغيرها، مشيرة إلى أن العراق يفقد سنوياً نحو 20 ألف دونم بسبب الملوحة وتراجع مستويات عيش الفلاح العراقي. ودعت الجهات المعنية إلى مضاعفة دعمها لهذا القطاع لينهض من جديد حتى لو تطلب ذلك استثمار الأراضي الزراعية.