يخوض مقاتلو المعارضة السورية والقوات النظامية معارك عنيفة على أكثر من جهة سعياً للسيطرة على قاعدة تفتناز الجوية في إدلب بشمال البلاد، وعلى مقر كتيبة مكلفة حماية مطار حلب الدولي شمالاً، وفي دير الزور شرقاً حيث تدور اشتباكات في محيط مطار حمدان العسكري للسيطرة عليه. وبعد المكاسب الكبيرة التي حققوها في النصف الثاني من 2012 يسيطر المعارضون الآن على مساحات شاسعة من الأراضي في شمال وشرق البلاد غير أن السيطرة محدودة نظراً لعدم قدرتهم على حماية البلدات والقرى من مقاتلات النظام وطائراته الهليكوبتر. ويسعى المئات من مقاتلي المعارضة إلى اقتحام قاعدة تفتناز الجوية قرب الطريق السريع الشمالي الذي يربط بين حلب والعاصمة دمشق أكبر مدينتين في سورية. وحاصر المعارضون قواعد جوية في الشمال خلال الأسابيع الماضية أملاً في الحد من قدرة الحكومة على شن غارات جوية وتزويد المناطق الخاضعة لسيطرتها بالإمدادات. وقال مقاتل من المعارضة قرب قاعدة تفتناز إن الأجزاء الأساسية من القاعدة لا تزال خاضعة لسيطرة الحكومة لكن المعارضين تمكنوا من التسلل إليها وتدمير طائرة هليكوبتر ومقاتلة على الأرض. وقالت لجنة التنسيق في إدلب بشمال البلاد إن مقاتلي المعارضة فجروا سيارة ملغومة داخل القاعدة. ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) عن مصدر مسؤول قوله إن ما تردد حول سيطرة «الإرهابيين» على مطار تفتناز في إدلب «عار من الصحة جملة وتفصيلاً». وأضاف المصدر أن «وحدات حماية المطار تصدت بحزم لمحاولة إرهابيين الاعتداء على المطار من عدة محاور وأوقعت بين صفوفهم خسائر فادحة ودمرت أسلحتهم وذخيرتهم» ليلة أول من أمس. من ناحيته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن نحو 800 مقاتل يشاركون في الهجوم ومن بينهم إسلاميون من جبهة النصرة التي تعتبرها واشنطن منظمة «إرهابية». وأفاد في بيان «تجددت الاشتباكات العنيفة في محيط مطار تفتناز العسكري بين القوات النظامية ومئات المقاتلين من جبهة النصرة وكتائب أحرار الشام والطليعة الإسلامية الذين يحاولون السيطرة على المطار» منذ أول من أمس. وترد القوات النظامية بقصف على محيط المطار لإعاقة تقدم المعارضين. وأفاد مصدر عسكري داخل مطار تفتناز فرانس برس عن استمرار المعارك في محيط المطار منذ «أكثر من 48 ساعة متواصلة». وأوضح أن التفجير الذي قام به المقاتلون «عن بعد على أحد أبواب المطار مكنهم من التسلل إلى داخله». وأشار إلى اشتباكات وقعت على الأثر بين المتسللين «وعناصر حماية المطار بدعم من سلاح الجو السوري وسلاح المدفعية»، وأن «عناصر الحماية نجحوا في صد الهجوم وقتل عدد كبير من المتسللين، وإجبارهم على التراجع إلى خارج المطار». وأوضح المصدر العسكري أن «الاشتباكات مستمرة خارج أسوار المطار حتى هذه اللحظة». وتفتناز قاعدة لطائرات الهليكوبتر في الأساس وتستخدم في تزويد مواقع الجيش في الشمال بالإمدادات بعد أن قطع مقاتلو المعارضة الطرق البرية المؤدية إلى الكثير منها. في حلب، أفاد المرصد عن اشتباكات في محيط مطار حلب الدولي. قرب مقر الكتيبة 80 المكلفة حماية المطار والتي حاصرها المقاتلون المعارضون منذ أيام، في محاولة للسيطرة عليها والتقدم نحو المطار المقفل منذ الثلثاء الماضي بسبب الهجمات وعمليات القصف التي يتعرض لها. وبالقرب من قاعدة منغ الشمالية التي حاصرها المعارضون أيضاً قرب الحدود التركية ردت القوات الحكومية على هجمات المعارضة بالقصف المنتظم لبلدات مجاورة. وفي بلدة إعزاز التي تتعرض للقصف ليلاً في شكل شبه يومي أصابت قذائف منزل أسرة الليلة الماضية. وقالت زينب حمادي إن ابنتيها المصابتين البالغتين من العمر 10 و12 سنة عبرتا الحدود إلى تركيا وإحداهما تعرضت لإصابة شديدة في الرأس. وقالت الأم: «كنا نائمين وهبطت علينا في غمضة عين». وأجهشت زينب بالبكاء وهي تتفقد آثار الدمار. وقال أبو حسن (33 سنة) الذي يعمل في مرأب قرب المنزل المدمر: «يريد (الأسد) الانتقام من الشعب... ما ذنب أطفالنا؟ أهم الذين يقاتلون؟». وفي محافظة دير الزور (شرق)، قتل ثلاثة مقاتلين معارضين في اشتباكات مع القوات النظامية في محيط مطار دير الزور العسكري. ويسيطر مقاتلو المعارضة على أجزاء كبيرة من محافظة دير الزور وعلى حقول نفطية وعلى مطار حمدان العسكري. وفي ريف دمشق، تتعرض مناطق في مدينتي داريا ومعضمية الشام ومحيطهما للقصف من القوات النظامية السورية التي تستخدم الطائرات الحربية وراجمات الصواريخ وتحاول منذ أسابيع فرض سيطرتها الكاملة على المنطقة، بحسب ما يقول المرصد السوري الذي أشار إلى استمرار تدفق التعزيزات العسكرية لقوات النظام إلى داريا. كما تعرضت قرى وبلدات أخرى في ريف دمشق للقصف. وفي محافظة درعا (جنوب)، قال المرصد إن اشتباكات تدور عند المدخل الغربي لبلدة بصر الحرير التي تحاول القوات النظامية اقتحامها بالتزامن مع قصف من طائرة حربية تعرض له محيط البلدة. وأدت أعمال العنف في مناطق مختلفة أول من أمس إلى مقتل أكثر من 220 شخصاً بينهم 115 مدنياً و57 مقاتلاً معارضاً و47 عنصراً من قوات النظام، بحسب المرصد.