أعلن الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله أن لبنان لا يستطيع لأي اعتبار أن يغلق الحدود مع سورية، داعياً إلى أن يطور لبنان موقفه السياسي بالضغط إلى جانب الذين يضغطون باتجاه حوار سياسي في سورية. كما دعا الدولة إلى التفاوض المباشر مع خاطفي اللبنانيين في أعزاز، وإلى استراتيجية وطنية لحماية الثروة النفطية والغاز على الشواطئ اللبنانية. وقال نصرالله في كلمة عبر الشاشة لمناسبة ذكرى أربعين الإمام الحسين في بعلبك أمس: «نعيش في لبنان والمنطقة واحدة من أهم المراحل وأكثرها حساسية وتسيطر على مناخ المنطقة أجواء الفتن. وبالنسبة إلى الكثيرين اختلطت الأولويات وغلبت المشاعر والأحقاد»، مؤكداً أن «أخطر ما تواجهه منطقتنا في السنوات الأخيرة هو مشروع إعادة تقسيمها، أي تقسيم المقسم إلى دويلات صغيرة على أساس مذهبي أو طائفي أو عرقي أو جهوي أو قبلي. ونحن نؤكد موقفنا المبدئي والعقائدي في رفض أي شكل من أشكال التقسيم أو دعوات الانفصال أو التجزئة في أي دولة عربية أو إسلامية، وندعو إلى الحفاظ على وحدة كل بلد مهما غلت التضحيات والصعوبات ومهما كانت المظالم والمطالب محقة. وهذا الأمر يهدد عدداً من البلدان من اليمن إلى العراق الذي تعاد إحياء الفتنة الطائفية فيه إلى سورية المهددة أكثر من أي وقت مضى إلى مصر وليبيا وحتى إلى السعودية وصولاً إلى لبنان الذي يجب أن نؤكد فيه اليوم أكثر من أي زمن مضى تمسكنا بوحدته وطناً وأرضاً وشعباً ودولة ومؤسسات». وتحدث نصرالله عن سورية، وقال: «اليوم هناك حرب حقيقية يتأثر بها لبنان. ومنذ الأيام الأولى كان في لبنان نهجان للتعاطي مع الموضوع، ولندع حكاية النأي بالنفس جانباً، النهج الأول يقول فلنختلف في موضوع سورية وليكن لكل رؤيته وموقفه الذي يعبر عنه في أشكال مختلفة ويمكن أن تتناقض، لكن تعالوا لا نتقاتل وننقل القتال إلى لبنان. النهج الثاني هو الذي كان يريد منذ اليوم الأول نقل القتال إلى لبنان، ويحاول نقله إلى أكثر من ساحة، وبعض الساحات تأثرت بهذا النهج. وإذا عجز عن نقل القتال إلى هذه الساحات يهدد بالقتال في وقت قريب، بناء على رؤية واستنتاجات لها علاقة بخواتيم الأمور في سورية. وهذا نهج خاطئ. ومنذ البداية كنا مع النهج الأول وقلنا دعونا نختلف حتى داخل الحكومة، وهذا لا يعني أن نتصارع». وتطرق إلى موضوع النازحين من سورية إلى لبنان، معتبراً أنه «من نتائج الوضع المستجد. فسواء كانت العائلات السورية أم الفلسطينية أم اللبنانية التي كانت تعيش وتعمل في سورية هذه حال إنسانية كبيرة جداً. ندعو إلى التعاطي مع قضية النازحين من زاوية إنسانية وعدم تسييسها. العائلات النازحة يجب أن تحظى بالعناية سواء كانت موالية للنظام السوري أم ضده أم ليس لديها موقف. وإذا كان هناك أية ملاحظات حول تسييس الملف يجب أن يصغى إليها وتعالج». وأكد «نحن لا نستطيع كلبنان لأي اعتبار أن نغلق الحدود مع سورية مع تفهمنا وتقديرنا للأخطار السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة على هذا النزوح الكثيف. يجب أن نتقبل هذه النتيجة الإنسانية ونعمل على معالجة تداعياتها، لا أن نذهب إلى خيار سلبي أخطاره أكبر بكثير من أي خيار آخر. فاستيعاب ملف النازحين يحتاج إلى موقف رسمي واضح وإلى موقف شعبي. وأدعو إلى احتضان هذه العائلات في مختلف المناطق». وأعلن أن «الحل الحقيقي معالجة السبب وليس إغلاق الحدود، أي العمل لتسوية سياسية توقف نزف الدم والحرب في سورية». تحميل لبنان ما لا يطيقه ودعا الدولة اللبنانية إلى «أن تقول للأميركيين والأوروبيين والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إنكم بهذه الطريقة تحملون لبنان ما لا يطيق اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وأمنياً. لا يكفي أن نقف ونخطب بل أن يطوّر لبنان موقفه السياسي باتجاه الضغط أو المساعدة إلى جانب كل أولئك الذين يضغطون من أجل أن يكون في سورية حل سياسي. لا أن نبقى بالنأي عن النفس ونتحمل أوزار الأحداث». وعن قضية المخطوفين اللبنانيين في أعزاز، وقال: «سابقاً ابتعدنا عن مقاربة هذا الملف كي لا يساء استخدم أي تعبير وموقف، لكن للأسف اتضح أنه يتم استغلال هذه القضية سياسياً وأخلاقياً وإعلامياً. منذ اليوم الأول قلنا لأهل المخطوفين حمّلوا الدولة المسؤولية، وطالبناهم بألا يلجأوا إلى السلبية. وشخصياً أعتبر أن حركة الدولة في هذا الملف غير مقنعة وغير مرضية مع احترامي للجهود التي بذلت، أدعو الدولة إلى التفاوض المباشر مع الخاطفين، لأن هذا يحصل في كل العالم، وحتى الدول التي تقول إنها ترفض التفاوض مع الإرهابيين تتفاوض معهم. كما أدعو الحكومة إلى أن تبذل جهداً خاصاً تجاه الدول المؤثرة في المجموعة الخاطفة. وليس صحيحاً أن هناك مجموعات في سورية لا أحد في العالم يؤثر فيها. فهناك 3 دول مؤثرة وقادرة على أن تحسم هذا الملف هي تركيا والسعودية وقطر. هذه الدول هي التي تدفع الأموال وتموّل وتسلّح وتتواصل مع المجموعات المقاتلة وتركيا تعطي التسهيلات على الحدود». وقال: «ما زلت أدعو الأهالي إلى الرهان على الدولة وسعيها، لكن في النهاية، إذا وجدت الدولة نفسها عاجزة، فلتقل للأهالي اذهبوا وأخبروا القوى السياسية في لبنان أنني عاجزة، عندها يدرس الأهالي خطواتهم، والقرارات ليست معدومة». وتطرق إلى ملف النفط والغاز، معتبراً أنه «ملف كبير تعلق عليه آمال كبيرة في مساعدة لبنان في معالجة أزماته الاقتصادية. نحن دائماً نصر على أن هذا الملف معالجته من مسؤولية الدولة، والحكومات المتعاقبة هي التي تتحمل مسؤولية ما وصل إليه لبنان اقتصادياً. فلنقل إن هناك باب أمل هو ثروة النفط والغاز الواعدة، ونأمل بألا تتحول هذه النعمة إلى نقمة، لأن هناك دراسات تقول إن أحد أسباب ما يجري في بعض دول الجوار له علاقة بالنفط والغاز. وإذا استطاع لبنان أن يستفيد جدياً من هذه الثروة فهذا سيوفر إمكانات مالية معقولة وكبيرة لسد ديونه. لكن المال والغنى مع ظلم وطائفية يمكن أن يسببا نقمات». وقال: «الحكومة الحالية أنجزت مراحل أساسية في هذا الملف وهذا يسجل لها، لأنه ملف معقد. ونذهب الآن إلى مراحل أساسية أخرى، إذ يجب أن نسجل أن عدونا أنجز المراحل كلها وخلال 3 أشهر سيبدأ بالاستخراج والبيع والتصدير. المرحلة الثانية عندها لا نعرف كم ستأخذ وقتاً. ما يتطلب تصرفاً وطنياً ومسؤولاً». وأكد أن «التعاطي مع ملف النفط ليس حزبياً ولا مناطقياً ولا مذهبياً. وإذا كان هناك من ثروة نفطية في بحر لبنان سواء قبالة الجنوب أو الشمال فهي لكل الشعب». وطلب نصرالله جواباً عن سؤال في هذا الملف، وقال: «هذه الثروة قد تستقدم تهديدات أو أخطاراً إسرائيلية لمنع لبنان من الاستفادة من هذه الثروة. كيف ستعالج الدولة هذا الموضوع؟ ندعو إلى استراتيجية وطنية، وإذا أردتم ترك الموضوع لنا فنحن جاهزون». ولفت إلى أن «إسرائيل لديها استراتيجية لحماية آبار النفط والغاز. وفي لبنان عندنا بارودتان وصاروخان يمكن أن ندافع من خلالهما عن البلد، نتحدث ليل نهار عن سلاح المقاومة. فإذا أردتم ألا يتحمل الشعب المسؤولية لوحده، تفضلوا كدولة وضعوا استراتيجية، وإذا كنتم غير قادرين على استراتيجية دفاع وطني شاملة لأن هناك من يضعون الشروط التعجيزية ليعودوا إلى طاولة الحوار، فبالحد الأدنى إما طاولة الحوار أو الحكومة أو مجلس الدفاع الأعلى فليقولوا هذه استرتيجيتنا لحماية الثروة الوطنية النفطية، وما هو المطلوب منا كمقاومة نحن جاهزون».