انتهت الهدنة التي دامت بضعة شهور بين رئيس البرلمان أسامة النجيفي ورئيس الحكومة نوري المالكي، وخسر المالكي أقوى زعيم سني في القائمة «العراقية»، وكان يمثل حلقة الوصل بينه وخصومه، ويعتقد ان ذلك سيعقد الازمة اكثر مع تواصل الاعتصامات واتسعاها. إلى ذلك، طالب محافظ الانبار الحكومة أمس باستجابة سريعة لمطالب المتظاهرين، ولم يستبعد تطورها الى نزاع مسلح. وشن النجيفي هجوماً غير مسبوق على المالكي، وعلى «السلطة الغاشمة التي لم تحترم الشعب بقدر ما أذلته»، مصير مشابه لمصير نظام الرئيس الراحل صدام حسين. وقال النجيفي في بيان ان «رئيس الحكومة خرج اخيراً بتصريح زعم فيه سقوط شرعية رئيس البرلمان الدستورية بسبب احترامه حق المواطنين بالتظاهر وتعاطفه مع مطالبهم المشروعة». وأضاف ان «ذلك جاء في سياق متواتر من تجاوزات الدستور ابتدأت بالتفسير القسري لبعض مواده بشكل منافٍ لجوهره وفلسفته عقب اعلان نتائج الانتخابات التشريعية الماضية، ومرت بمصادرة استقلالية الهيئات المستقلة، وتجاوز استقلالية القضاء وتوجيهه توجيهاً متناغماً مع الذات الحكومية لا الذات الدستورية». وزاد إنها «محاولة لسلب حق المواطنين بالتعبير بالاحتجاج والتظاهر وإشهار مطالبهم المشروعة، ولحق نواب الشعب المجاهرة بآراء ناخبيهم، وما تستدعيه مسؤوليتهم الدستورية». وتابع: «إزاء هذا التجاوز غير المسبوق نقول أن الذات الحكومية وجدت في خروج المواطنين للمطالبة بحقوقهم ورفض الظلم والطغيان واذلال المواطنات البريئات والمواطنين الابرياء خروجاً على ارادة برجها العاجي». ودعا النجيفي «الذين يلوحون بلي عنق الدستور حسب امزجتهم ومصالحهم ومنافعهم وتشبثهم المستميت بسلطة لم تحترم الشعب قدر ما اذلته، ولم تنفع الشعب قدر ما افقرته واعوزته، ولم تحل ازماته قدر صناعتها ازمات اعنف واقسى، إلى أن يعودوا عن غيهم، وان لا تأخذهم العزة بالإثم، وان يصغوا إلى صوت الشعب ويفتحوا قلوبهم للحوار معه وتلبية مطالبه المشروعة بدل التلويح بالتهديدات». ولفت الى ان «تاريخنا القريب يقرئنا ان مآل السلطة الغاشمة في اي نزاع مع الشعب هو الخسران، والشعب وحده هو صاحب الرهان الابقى والسلطة الاعلى»، في اشارة الى نظام صدام. وكان المالكي قال في مقابلة تلفزيونية مع قناة «العراقية» الرسمية ان «رئيس البرلمان اسامة النجيفي فقد شرعيته كرئيس للبرلمان بسبب تحريضه على التظاهرات وتبنيه مطالب المتظاهرين». وتشهد ثلاث محافظات ذات غالبية سنية هي الانبار وصلاح الدين ونينوى، تظاهرات حاشدة منذ 21 من كانون الاول (ديسمبر) الماضي، للمطالبة ب «اطلاق جميع المعتقلين والمعتقلات الابرياء، والغاء قانوني المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث) ومكافحة الارهاب». ورفض المتظاهرون تجزئة مطالبهم، مؤكدين انهم «لن ينهوا اعتصامهم حتى استجابتها كاملة». واستبعد نائب محافظ الانبار حكمت زيدان في تصريح الى «الحياة» ان «ينهي المتظاهرون اعتصامهم بعد نقل 13 سجينة الى محافظاتهن»، معتبراً ان «الإجراء يخفف الاحتقان لكنه لن يساهم في وضع حد للاعتصامات في الانبار او المحافظات الاخرى». وأعلنت وزارة العدل أمس «تسفير 13 نزيلة محكومات بقضايا جنائية الى محافظات صلاح الدين والانبار والموصل لإكمال فترة محكوميتهن في محافظاتهن». وأكد ان «مطالب المتظاهرين تتلخص في: حسم ملفات المعتقلين والمعتقلات واطلاق الابرياء منهم، والغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الارهاب»، مرجحاً،»انتهاء الاعتصامات فور استجابة هذه المطالب». ولم يستبعد ان تتحول التظاهرات السلمية الى مسلحة، لكنه قال: «اننا لا نتمنى ذلك ونأمل بالاسراع في تلبية مطالب المتظاهرين». وأضاف: «نحن حريصون على ابعاد التظاهرات عن التخندقات الطائفية وعن اي مظاهر مسلحة، لتكون المطالب معبرة عن وجدان وضمير جميع العراقيين وليس فئة او طائفة معينة». ودعا الى «عدم تسييس التظاهرات وتجييرها لصالح حزب او شخصية سياسية او استخدامها من اجل الدعاية الانتخابية». وهدد محافظ كركوك نجم الدين كريم (كردي)، ب «مقاضاة الجيش العراقي اذا منع التظاهرات في المناطق العربية من المحافظة».