تخطط إسرائيل لتكثيف عمليات اعتقال النشطاء الفلسطينيين في الضفة الغربيةالمحتلة لمنع تحول المواجهات المحلية إلى انتفاضة جديدة، وأصيب فلسطينيان أمس برصاص الجيش الإسرائيلي الذي قدم لاعتقال مشتبه به قرب مدينة جنين شمال الضفة الغربية، فيما هاجم مستوطنون إسرائيليون قرية فلسطينية في شمال الضفة الغربية. وقال مصدر أمني إسرائيلي «هناك بالتأكيد صحوة (فلسطينية). ونتيجة لذلك، اتخذ قرار في المؤسسة الأمنية بمضاعفة النشاط الاستخباراتي والاعتقالات بين أعضاء حماس والنشطاء ضد إسرائيل»، مشيراً إلى أن ذلك «بدأ في الأيام القليلة الماضية وسيزيد». ولكن الأحداث الأخيرة تشير إلى أن سياسة مشابهة قد تؤدي إلى نتائج عكسية. وتعرضت وحدة سرية من القوات الخاصة الإسرائيلية الثلثاء كانت تحاول اعتقال ناشط يشتبه في انتمائه إلى حركة «الجهاد الإسلامي» للرشق بالحجارة من قبل جماهير فلسطينية غاضبة. ومع أن الوحدة قامت باعتقال الناشط الشاب أمجد إغبارية (26 عاماً) في المنطقة الصناعية في جنين اندلعت مواجهات إثرها أصيب نتيجتها عشرات الفلسطينيين في شكل طفيف من الرصاص المطاطي والرصاص الحي والغاز المسيل للدموع التي ألقاها الجنود الإسرائيليون. وقالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي إن جنوداً قدموا إلى المنطقة «لاعتقال فلسطيني يشتبه في تورطه بأنشطة إرهابية ولكن 500 فلسطيني تجمعوا هناك وبدأوا بإثارة الشغب» مشيرة إلى أنهم قاموا بإلقاء الحجارة باتجاه القوات. وأردفت المتحدثة بأن الجيش استخدم «وسائل مكافحة الشغب»، مشيرة إلى أنه لم يقع أي اعتقال. وذكرت مراسلة الشؤون العسكرية في الإذاعة العامة الإسرائيلية نقلاً عن مصادر عسكرية الأربعاء بأن عملية الاعتقال كانت روتينية إلا أن الرد الفلسطيني لم يكن كذلك. وقالت نقلاً عن المصادر العسكرية «ما هو استثنائي هو الاضطرابات الخطيرة» مشيرة إلى أن «أي عملية مماثلة في السابق لم تكن لتجلب اضطرابات من هذا النوع». وأكملت «هنالك بعض الارتفاع في الاضطرابات في الأراضي (الفلسطينية) ولكن الحديث عن انتفاضة ثالثة سابق لأوانه». واضطرت قوات إسرائيلية الشهر الماضي إلى إحباط محاولة لاعتقال شرطي فلسطيني يشتبه في أنه ناشط في قرية جنوب الضفة الغربية عندما رشقتهم حشود من السكان المحليين بالحجارة. واعتقل الرجل لاحقاً على حاجز عسكري بالقرب من الخليل. وقام الفلسطينيون بانتفاضتين ضد الاحتلال الإسرائيلي، المرة الأولى في كانون الأول (ديسمبر) 1987 والمرة الثانية في أيلول (سبتمبر) 2000. وفشلت الانتفاضتان في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الضفة الغربية الذي بدأ عام 1967. ومع تعثر المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين منذ أيلول عام 2010، أثار المراقبون إمكانية اندلاع انتفاضة شعبية ثالثة. ويقول غسان الخطيب، المتحدث السابق باسم الحكومة الفلسطينية والذي كان حاضراً في الانتفاضة الأولى، إنه لا يرى يداً موجهة لهذه الموجة الأخيرة من الاشتباكات. واعتبر الخطيب المواجهات اليومية بين المزارعين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين وإلقاء الحجارة وقنابل المولوتوف على السيارات الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية أموراً «عفوية». وقال «لا أعتقد أنه يمكن ربط ذلك بأي حدث معين، إنه أمر بدأ يتراكم تدريجاً». وتابع «أعتقد أنه نتيجة لمزيج خطر من الغياب التام لأي أفق سياسي إضافة إلى أزمة اقتصادية ومالية خطيرة أدت إلى زيادة البطالة والفقر» مشيراً إلى زيادة في النشاط الاستيطاني. واعتبر أن «الوضع غير قابل للاستمرار». وربط جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) في تقريره الشهري ارتفاع نسبة المواجهات في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بالعملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة التي استمرت ثمانية أيام. وقال التقرير «رداً على العملية، كان هناك ارتفاع في مستوى العنف في القدس وفي (الضفة الغربية)». ووفق التقرير حصل 122 هجوماً فلسطينياً ضد إسرائيليين في الضفة الغربية مقارنة ب39 في شهر تشرين الأول و44 حادثاً في القدس مقارنة ب31 في الشهر الذي سبقه. ويرى ميكي روزنفيلد المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية أن الشبان الفلسطينيين يبدون مشاركين في شكل كبير في هذه الاضطرابات التي تصفها بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية «بانتفاضة - مصغرة». وقال روزنفيلد «في شكل عام كان هنالك ارتفاع في عدد الحوادث التي وقعت كإلقاء الحجارة إضافة إلى الزجاجات الحارقة على الطرق الرئيسة». ولفت إلى أن «غالبية الحوادث تقع في الصباح عندما يكون الأطفال الفلسطينيون في طريقهم إلى المدارس وبعد الظهر عندما يعودون من المدارس». إلى ذلك، قال متحدث عسكري إسرائيلي إن مستوطنين هاجموا قرية جالود ليل الأربعاء - الخميس، وقاموا بتخريب سيارتين ورشقوا بالحجارة المنازل في القرية التي تقع جنوب شرقي مدينة نابلس (شمال الضفة الغربية) واقتحموا منزلاً بالقوة وضربوا فلسطينياً نقل إلى المستشفى في تلك المنطقة. وأشار المتحدث إلى أن الجيش وصل إلى القرية واشتبك مع المستوطنين لكنه لم يعتقل أحداً. وتابع أن «الجيش الإسرائيلي يأخذ هذا النوع من الحوادث التي تهدد أمن المنطقة بجدية». وأكدت مصادر أمنية فلسطينية الاشتباكات مشيرة إلى أن المستوطنين يعتقد بأنهم قدموا من بؤرة «إحيا» الاستيطانية. وقالت المصادر الأمنية إن طفلاً في الثانية من عمره أصيب بالحجارة في رأسه في الحادث. وينتهج المستوطنون المتطرفون سياسة انتقامية منظمة تعرف باسم «دفع الثمن» وتقوم على مهاجمة أهداف فلسطينية وكذلك مهاجمة جنود في كل مرة تتخذ السلطات الإسرائيلية إجراءات يعتبرونها معادية للاستيطان.