حذّر عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى زين العابدين بري، من تأثر أصحاب الدخول المنخفضة سلباً بزيادة الإنفاق في موازنة الدولة الجديدة لعام 2013، الذي سيتسبب في زيادة معدل التضخم وارتفاع كلفة المعيشة. وقال بري ل«الحياة»: «عندما تكون لدينا موازنة كبيرة يرتفع فيها حجم الإنفاق فإنه سينتج منه تضخم، وهو ما يضر بأصحاب الدخول المنخفضة»، مطالباً بأن تكون الزيادة في الإنفاق معقولة، حتى لا يرتفع التضخم إلى مستويات عالية، «ويجب أن يكون هناك توازن بين حاجاتنا نحن - المواطنين - وبين عدم تضرر بعض الفئات من هذه التضخم». وأضاف بري: «المشكلة تكمن في أن الإنفاق الكبير سيخلق تضخماً كبيراً في الاقتصاد الوطني، وهو ما سيؤثر في المستوى المعيشي للمواطنين». وأشار إلى أن ما شهده التعليم من زيادة في الموازنة العامة للدولة بنسبة 21 في المئة يعود إلى التزام الدولة بتوفير التعليم والصحة للمواطنين، وبرر الزيادة في مخصصات التعليم والصحة بزيادة عدد السكان في المملكة، إذ تجاوز عدد السعوديين 20 مليون نسمة، ويشكل الشباب ما نسبته 60 في المئة أو أكثر، وأعتقد بأنه من الجيد أن تقوم الحكومة بتلبية حاجات قطاعي التعليم والصحة، لأن ذلك سيعود بالنفع على الوطن والمواطنين. ورأى أنه في حال استمرار صدور موازنات عامة، مثل هذه الموازنة لفترة طويلة، وما ستحققه السعودية من دخل نفطي كبير، فإنه سيصب في مصلحة الاقتصاد الوطني. من جهته، قال رئيس دار الدراسات الاقتصادية عبدالعزيز داغستاني، أن إيرادات الموازنة الجديدة تقدر ب 829 بليون ريال، والمصروفات ب 820 بليون ريال، وهي أرقام جيدة، ولكن أعتقد بأن المهم هو كفاءة الإنفاق. وقال داغستاني ل«الحياة»: «كفاءة الإنفاق هي المحك الحقيقي لجميع ما يحصل للاقتصاد السعودي، إذ إن هناك بنوداً كثيرة، منها مثلاً بند الإنفاق الاستثماري على المشاريع بقيمة 285 بليون ريال، والتساؤل المهم عن الآليات التي وضعت لضمان تنفيذ هذه المشاريع الاستثمارية في وقتها وبجودة عالية. وأضاف: «ما يحصل ومن خلال تجربتنا مع المشاريع الحكومية هي أنها تتعثر، والمشاريع المتعثرة تتجاوز قيمتها المالية بلايين الريالات، ويزيد عدد تلك المشاريع على 3000 مشروع متعثر حالياً، فقطاع الإسكان تم تخصيص 250 بليون ريال له لبناء 500 ألف وحدة سكنية، ولكن مؤشرات تنفيذ تلك الوحدات حتى الآن «مخجلة»، إذ إنه لم يتم تنفيذ إلا ثلاثة في المئة من المشروع حتى الآن، وهو ما يدل على قصور في التنفيذ». وفسر قول خادم الحرمين الشريفين بأنه «لا عذر لوزير أو مسؤول»، بأن الملك كان يعني أن هناك خللاً في الجهات التنفيذية، وهذا الخلل لا يعالج بأرقام في الموازنة، بل يعالج بكفاء الإنفاق، ويُسأل عن ذلك الخلل وبشكل مباشر الجهات الرقابية، مثل ديوان المراقبة العامة والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. ورأى رئيس دار الدراسات الاقتصادية، أن هناك ملفين مهمين تجب معالجتهما، الأول: البطالة، والثاني: الإسكان، إذ إن ملف الأخير خصص له مبلغ كافٍ، ولكن إدارة وزارة الإسكان لهذا الملف يوجد فيها خلل. أما في ما يتعلق بملف البطالة فإن الدولة ليست موظفاً رئيساً في الاقتصاد، إذ إن الموظف الرئيس هو القطاع الخاص، وأعتقد بأن المبلغ الذي خصص للمشاريع التنموية والبالغ 285 بليون ريال يجب أن يدار بطريقة أن هذه المشاريع ستوظف الشباب والشابات السعوديين. وتابع داغستاني: «معالجة قضية البطالة تتطلب الربط بين العقود والقروض الحكومية لتوظيف السعوديين، وهذا كفيل بخلق وظائف جيدة للمواطنين، وما يحصل الآن أننا نحاول أن نوجه العاطل والعاطلة إلى الأعمال الدنيا وبمرتبات دنيا، وهذا غير صحيح، لأن معنى ذلك استمرار تعامل القطاع الخاص مع موظفين بكفاءات متدنية ورواتب متدنية». وأشار إلى أن وزارة المالية في الموازنة الجديدة متحفظة كعادتها في جانبي الإيرادات والمصروفات، والدليل على ذلك أن إيرادات الموازنة السابقة زادت على المخطط له بنسبة 77 في المئة، وهناك خلل لدى وزارة المالية، لأنه من خلال قراءة موازنات السنوات السابقة نجد أن الفرق بين تقديرات الموازنة والأرقام النهائية كبير، ولذلك فإن وزارة المالية تحتاج إلى إعادة النظر في الطريقة التي تقوّم بها الإيرادات والمصروفات.