في السويد أو هولندا أو التشيخ أو غيرها من الدول الأوروبية المتطورة كروياً تجد أن العمل بني على استراتيجية رياضية حقيقية، مقارّ رائعة، اهتمام عالٍ بالنشء، اهتمام فريد بالبطولات وطريقة جدولتها، بلا محسوبيات، أو مجاملات، لكن أبرز ما يلفتك هو أن التعداد السكاني لتلك الدول لا يتجاوز 10 ملايين لكل منها، فيما تتجاوز أعداد الأندية 4 آلاف نادٍ، معادلة تعني حصول كل 500 مواطن على نادٍ. هذه الدول باتت مدارس في كرة القدم أشغلت شعبها برياضة صحية رائعة مسلية، فطورت صحة شبابها وأمنهم معاً، وخلقت أجواء رياضية فريدة ومنعشة. كتبت مقالة مرة في صحيفة رياضية سعودية عنوانه «1000 نادٍ»، ومضمونه مطالبة بزيادة عدد أنديتنا إلى ألف نادٍ، اتصل بي عدد من الزملاء، بعضهم كتّاب بارزون، وآخرون مسؤولون عن الرياضة السعودية، ضحكوا من المقالة، وقالوا لي بالحرف: «أنت من جدك ؟»، يستغربون مطالبتي بألف نادٍ في دولة تعداد سكانها يتجاوز 25 مليون نسمه. مشكلتنا أننا نتبع ونتابع من هم أسوء منا في الرياضة، فمثلاً يسأل المسؤول: لماذا نزيد عدد الأندية من 153 نادياً، معظمها «خرابات» بإضافة ألف أخرى.. «ناقصين مشكلات وأعباء وبلاوي»؟ بل يزيد المسؤول في تساؤله: ولماذا لا نرى تعداد أندية مصر مثلاً 600 نادٍ، وسكانها 90 مليون، وإيران تعداد أنديتها 100، بينما يفوق سكانها 60 مليون؟ ومثلها مقاييس لا تناسب طموحاتنا. مشكلتنا أن المسؤول لا يتابع تطور الرياضة في أوروبا التي قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال، وكيف لبلد مثل التشيخ الفقيرة جزئياً أن تملك 4600 نادٍ، وتعداد سكانها 10 ملايين فقط؟ بكل صراحة الشباب السعودي الذي يُعتبر أكبر شريحة من السكان بنسبة تقارب ال70 في المئة يفتقر تماماً إلى الاهتمام الرياضي، ويعانون ضيقاً لا يوصف من هذه الناحية، ويحتاجون إلى أندية في كل مكان، والأمر لا يتطلب أكثر من رخصة. كما أننا نملك آلاف الشركات والمصارف والمصانع البعيدة عن الإسهام في تنمية المجتمع الذي يكسبون منه «تريليونات الدولارات» سنوياً، فلابد من فرض نسبة عليهم تذهب لتطوير الرياضة التي تحمي أمن البلاد، وتطوره صحياً، وتنافسياً، وفي كل الاتجاهات.