ناديا فيريغو «لا ستامبا» - على رغم أنّه مشلول من الخصر إلى الرجلين، مزج دانيلو راغونا بين عالمين يبدوان وكأنّهما بعيدين ومتناقضين، ألا وهما: الإعاقة والتصميم. لتغيير العالم ليس من الضروري دائماً ابتكار شيء لم يسبق له مثيل؛ فقد يكون كافياً أن ندرك كيفية تغيير وجهة نظرنا إزاء ما هو موجود بالفعل. لننسَ كل الألم، والإحباط، والمعاناة التي تحرّكها فينا صورة كرسي متحرّك ولنحاول أن ننظر إليه كما لو كان مصباحاً أو دراجة. إنّه مصنوع من الأنابيب الفولاذية، والألوان الباهتة والقاتمة، كما أنّه ثقيل، وضخم، وغير ملائم، ولا يمكن التخفيف من بشاعته. تمكّن دانيلو راغونا، وهو رجل أعمال من تورينو مشلول من الخصر إلى الرجلين منذ 15 عاماً، من الجمع بين عالمين يبدوان وكأنّهما بعيدان أومتناقضان، ألا وهما: الإعاقة والتصميم. بعد أن تعرّض إلى حادث سيارة رهيب، حين كان يبلغ من العمر 21 سنةً، كان عليه أن يتعلّم كيف يعيش حياته من جديد وكأنّه طفل. إلا أنّه اتّخذ على الفور قراراً بتحويل الألم إلى قوة، والمعاناة إلى شغف من خلال تصميم وصنع ما لم يكن ليتمكّن أن يشتريه، وهو كرسيّ متحرّك مبتكر، وخفيف، وعمليّ يمكن أن يصطحبه في عطلة معه ويستخدمه في حياته اليومية، ويكون جميلاً في الوقت عينه. وبالفعل، شكله جميل لدرجة أنّه قد طُرح في معرض «إكسبو شنغهاي» ونال جائزة «البوصلة الذهبية»، أقدم وأعرق جائزة عالمية عن فئة التصميم. تمّ بناء النموذج الأول الذي يُطلق عليه اسم «بي-فري مالتي فانكشن»، كمشروع أطروحة في «المعهد الأوروبي للتصميم» في تورينو الذي اختاره راغونا لأنّه الأكثر قدرة في مساعدته على تحقيق حلمه، وهو صناعة كرسي متحرك مع مسند للقدمين من ألياف الكربون وإطار من الألومنيوم، يُطوى بسهولة ويحتلّ مساحةً صغيرة بحيث يمكن نقله على متن طائرة مع الأمتعة المحمولة باليد بدلاً من أن يكون مع الأمتعة التي تخضع للفحص. علاوةً على ذلك، يمكن أن يتكيّف هذا الكرسي بسرعة مع مختلف المساحات، بفضل عجلات خلفية محدّبة للرياضة وإطارات عقدية للطرق الوعرة وأخرى مصنوعة خصيصاً للشاطئ. بعد نجاح النموذج الأول، تمّ تأسيس العلامة التجارية «آيبل تو إنجوي» التي تُعنى بتصميم أشكال بسيطة ومستقيمة مع التأكّد من أنّها عمليّة من أجل توفير أقصى قدر من الاستقلالية. ويقول راغونا: «إذا ما كنّا نعجز عن التغلب على الحواجز المادية يجب أن نحاول تخطّي تلك الاجتماعية. يتمّ استخدام الكرسي متحرك، مثل زوج من الأحذية أو بدلة، لذا يجب أن يكون جميلاً وعمليّاً، وهكذا يتباهى به الشخص المعني ولا يعتبره معاناةً له». وبالتالي، أصبح مسند الظهر الوضعي ملوناً وتمّ تزويد العجلات الأمامية بميزة خاصّة للتزلج، فضلاً عن خيمة مصمّمة لأولئك الذين لا ينوون التخلّي عن التخييم. وقد ألهمت رؤية راغونا المبتكرة والخلاقة المجالات التي لم تكن تكرّس اهتمامها للإعاقة، على غرار: مجموعة «إيطاليا المستقلة»، وهي أوّل من عرض كرسيّاً متحركاً يتمتّع بملحقات على الموضة، و «فيرينو»، العلامة التجارية الإيطالية التاريخية التي تُعنى بالمعدات والملابس الجبلية. ويتابع دراغونا قائلاً: «استعنت كثيراً بالتقاليد الصناعية المتّبعة في بيدمونت في النماذج التي صمّمتها حتى الآن. تشكّل الموادّ والأنسجة إضافة إلى العمليات الصناعية ثمرةَ دراستي وخبراتي. إلا أنّ بحثي مستمرّ؛ إذ ما زال أمامي الكثير لتنفيذه وليس لدي أي نية بالتوقف. وفي الواقع، سبق أن بدأت التحضير لرحلتي المقبلة». في ربيع العام المقبل، ينوي راغونا السفر إلى إيطاليا لمناقشة كلّ الصعوبات التي يمكن مواجهتها خلال التنقّل على عجلتين. في غضون ذلك، يضع اللمسات الأخيرة على مشروع فني بالتعاون مع المصور لوكا سيني الذي يركّز على المواضيع الجنسية وتلك المتعلّقة بالإعاقة التي تشتهر بكونها حساسة جدّاً وغالباً ما يتمّ تجاهلها. ويختم قائلاً: «لم أتراجع عن أي شيء في حياتي. أعتز بحلم إنجاب طفل. لقد أحببت، وتزوجت، وخضت معاناة ثمّ وقعت في الحب مرة أخرى، ولكي لا تشكّل قصّتي موضوعاً استثنائيّاً بعد الآن ما زال أمامي الكثير لتنفيذه: من دون تحيز أو خوف. علينا أن نتعلمّ التمتع بالأشياء الجميلة كلّها. فما الذي يفوق الحبّ جمالاً؟»