عاد الرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس إلى واشنطن قبل خمسة أيام من استحقاق «الهاوية المالية»، من دون أفق ثابت لتجنيب الولاياتالمتحدة خطة تقشفية جذرية، بسبب استمرار الخلاف مع النواب الجمهوريين. ووصل أوباما إلى البيت الأبيض حيث وجد الوضع ذاته كما لدى مغادرته قبل ستة أيام متوجهاً إلى جزر هاواي، مسقط رأسه في المحيط الهادئ، إذ لا تزال المفاوضات متعثرة مع رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينر. وباينر الذي أعطى إجازة للنواب طالباً منهم البقاء على أهبة الاستعداد للعودة إلى واشنطن خلال 48 ساعة، أكد الأربعاء أن على مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه حلفاء أوباما، القيام بالخطوة المقبلة عبر تحديد موقفه من قوانين الموازنة التي سبق أن اقرها مجلس النواب. إلا أن زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ هاري ريد لم يظهر أي استعداد للقيام بمثل هذا التنازل. وألقى على باينر مسؤولية المأزق الراهن معرباً عن تشاؤمه حيال حظوظ التوصل إلى اتفاق. وقال: «إننا متجهون إلى الهاوية، ومجلس النواب ليس هنا». وفي وقت لاحق، أشار مكتب زعيم الغالبية في مجلس النواب اريك كانتور إلى أن أعضاء المجلس دعوا إلى اجتماع مساء غد لاستئناف مناقشاتهم حول «القضايا التشريعية»، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل. وتجاهل أوباما أسئلة الصحافيين حول الموضوع لدى عودته إلى البيت الأبيض. وسبق أن رد الرئيس الأميركي الذي أعيد انتخابه الشهر الماضي بفارق كبير عن منافسه الجمهوري ميت رومني، بقوة على تصريحات الجمهوريين هذه، معتبراً أنها لا تتسم بالتوازن لأنها لا تفرض على المكلفين الميسورين بذل مجهود ضريبي إضافي وتحاول تقليص العجز خصوصاً عبر استهداف النفقات. وفي صلب المناقشات هناك مسألة إعادة التوازن إلى الحسابات العامة بعد أربع سنوات مالية تخطى فيها العجز عتبة تريليون دولار أي ما نسبته 10 في المئة من الموازنة. ويسعى أوباما إلى إعادة التوازن من خلال زيادة الضرائب على الأسر التي يفوق دخلها 250 ألف دولار سنوياً، كما من خلال تمديد العمل بالتخفيضات الضريبية التي أرساها سلفه الرئيس جورج بوش والتي تطاول 98 في المئة من المكلفين الأميركيين. وفي حال تعذر الوصول إلى اتفاق، ستشهد الضرائب المفروضة على جميع الأميركيين ارتفاعاً اعتباراً من الأول من كانون الثاني (يناير) بمعدل 2200 دولار على كل أسرة تشملها الضريبة، وفق البيت الأبيض. وينتظر أيضاً دخول الاقتطاعات الكبيرة في المخصصات حيز التنفيذ خصوصاً في موازنة الدفاع، وذلك نتيجة اتفاق بين الجمهوريين والديموقراطيين عام 2011. ومن شأن هذه التدابير التقشفية أن تغرق الاقتصاد العالمي الأول في الانكماش، وفق تحذيرات خبراء اقتصاديين. وفي وقت تتعثر المفاوضات منذ أسابيع، سجل تراجع معنوي كبير لدى الأميركيين للمرة الثانية، وفق مؤشر نشرت نتائجه أول من أمس. والى هذا الوضع أضيف الأربعاء عامل جديد تمثل باحتمال نشوب خلاف جديد على رفع سقف المديونية، وهو المسار الذي سبق أن أثار أزمة كبيرة في الولاياتالمتحدة صيف 2011 كادت تؤدي إلى تخلف البلاد عن تسديد ديونها بسبب إصرار الجمهوريين على تعويض هذا الرفع بتقليص في النفقات. وحذر وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر من أن السقف القانوني للدين سيبلَغ الاثنين وأن «تدابير استثنائية» ستُتّخذ «قريباً» لتفادي التخلف عن التسديد. وفي حين ساد التوتر الأسواق، حرصت الجهات كلها على التأكيد على أن قنوات الاتصال لا تزال مفتوحة. واتصل أوباما هاتفياً بزعماء الكونغرس ومن بينهم باينر، مساء الأربعاء قبل مغادرته هاواي، وفق ما أفاد مستشاره دان فايفر على حسابه عبر موقع «تويتر».