عاش الأردن عام 2012 جدلاً متصاعداً تناول عملية «الإصلاح» التي أعلنت الدولة تبنيها منذ تفجرت ثورات الربيع العربي نهاية عام 2010، ورأى مراقبون ومحللون أن حدة الجدل مرشحة للتصاعد بشكل أكبر خلال عام 2013، نتيجة الاحتقان الزائد ما بين الدولة وقوى المعارضة، خصوصاً الإسلامية. أزمة اقتصادية واحتجاجات شعبية وشهدت الأسابيع الأخيرة من عام 2012 تطورات دراماتيكية على المشهد الأردني منذ تولي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني حكم البلاد عام 1999، اذ عاشت العاصمة عمان والمدن الأردنية المختلفة احتجاجات وتظاهرات شعبية عفوية بسقوف متحركة خرقت كثيراً من التابوات (المحرمات)، حتى أنها طاولت مؤسسة العرش التي ظلت محيّدة عن النقد طيلة العقود الماضية. وهتف المحتجون، وغالبيتهم من أبناء القبائل الأردنية التي صنفت تاريخيا ب «حاضنة النظام الهاشمي»، ضد قرارات الحكومة الخاصة برفع أسعار المحروقات منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. واستمرت الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الأردن بالتفاقم خلال العام الماضي بعد أن وصلت المديونية لنحو 23 بليون دولار، وكانت هذه الأزمة أحد الأسباب الرئيسة للاحتجاجات الأخيرة. وكان لافتاً أن هذه الاحتجاجات قادت للمرة الاولى إلى اشتباكات دموية بين المحتجين وقوى الأمن أدت الى مقتل مواطنين في مدينة إربد شمال البلاد ورجلي أمن في عمان، فيما اعتقلت قوات الشرطة نحو 300 متظاهر احيل نصفهم تقريباً على محكمة «أمن الدولة» العسكرية، فيما أسندت الى العشرات منهم تهم العمل على «تقويض نظام الحكم». لكن العاهل الأردني أمر بإطلاق المعتقلين، في مشهد رأى فيه مراقبون محاولة للابتعاد عن القطع الكامل مع قوى المعارضة، خصوصاً الحركات العشائرية التي ولدت من رحم الربيع العربي. 3 حكومات وتحضير للانتخابات وكان عام 2012 شهد إلى جانب ما سبق تبديل 3 حكومات أردنية، بدأت باستقالة مفاجئة قدمها القاضي السابق في محكمة لاهاي الدولية عون الخصاونة في نيسان (إبريل) إثر خلافات علنية جرت بينه وبين مؤسسة الديوان الملكي إلى جانب جهاز المخابرات العامة صاحب النفوذ الواسع في البلاد. واعترض الخصاونة بشكل علني على ما سماه تدخل «المخابرات في عمل الحكومة ومحاولة تجاوزها الولاية العامة لرئاسة الوزراء». وأقيلت حكومة فايز الطراونة في تشرين الأول (أكتوبر) تطبيقاً للتعديلات الدستورية التي صادق عليها العاهل الأردني مطلع العام ونصت على استقالة الحكومة التي يحل البرلمان بعهدها. وحل العاهل الأردني في الشهر نفسه البرلمان الذي انتخب عام 2010، ليكون ثاني برلمان في الأردن يحل بعد مضي نصف مدته خلال 5 سنوات فقط. كما عين الملك عبد الله النسور رئيساً لوزراء الحكومة الثالثة في الشهر نفسه أيضاً، ولاقى هذا التعيين انتقادات حادة من المعارضة كون النسور حجب الثقة عن الحكومات خلال عضويته في البرلمان المنحل، وكان مصنفاً على أنه «معارض شرس». ووعد عبدالله الثاني في كانون الأول (ديسمبر) بأن يشكل البرلمان الذي سينتخب مطلع عام 2013 أول حكومة برلمانية في البلاد منذ عام 1956. غير أن المعارضة اعتبرت المضي بالانتخابات تصعيداً في الأزمة التي تعيشها البلاد، وطالب بتعديلات دستورية من شأنها المس بصلاحيات الملك. توتر مع «الاخوان» وتجلى أحد أبرز مظاهر الأزمة الأردنية في التوتر ما بين النظام الملكي و «الإخوان المسلمين» التي وجهت اليها أصابع الاتهام منتصف عام 2012 بتغيير استراتيجيتها من إصلاح النظام الملكي، الى العمل على إسقاطه والاستقواء بوصول جماعات «الإخوان» للحكم في دول عدة. وكان لافتاً أن العاهل الأردني قاد أواخر العام الماضي لقاءات واسعة مع قوى سياسية قومية ويسارية من دون حضور أي ممثلين عن «الإخوان»، ووصل الأمر حد التقائه ممثلي قوى سياسية عرفت عنها معاداتها الشديدة للجماعة التي تعتبر المكون السياسي الأبرز في البلاد، وحضهم صراحة على تنشيط أدوارهم السياسية والمشاركة في الانتخابات. القلق السوري خارجياً، عاش الأردن عاماً آخر يراقب أعمال القتل والعنف في الجارة الشمالية سورية، وأطلق العاهل الأردني خلال 2012 تصريحاً بدا مثيراً ولافتاً عندما طالب الرئيس بشار الأسد بالتنحي. واضطرت المملكة إلى بناء أول مخيم للاجئين السوريين في بلدة الزعتري المجاورة للمدن والقرى السورية، بعد تدفق عشرات آلاف النازحين إلى أراضيها. وعاشت الحدود الأردنية - السورية حالاً من التوتر الشديد، ووقعت اشتباكات عنيفة بين جيشي البلدين عندما رد الأردنيون على رصاص الجانب السوري الذي كان يطلق النار على عائلات نازحة تمكنت عبور الحد الأردني، وفق البيانات الرسمية الحكومية. وشهد الأردن في العام نفسه أكبر مناورات في المنطقة سميت ب «الأسد المتأهب» وشارك فيها نحو 30 دولة أبرزها الولاياتالمتحدة بهدف تدريب وحدات أردنية خاصة على تأمين المواقع التي تحوي أسلحة كيماوية داخل سورية.