يرى معارضون أن الانقسامات السياسية القائمة في مصر ستؤدي إلى مزيد من الاضطرابات في بلد يعاني اقتصاده صعوبات. ومن دون الحصول على تأييد واسع النطاق، سيكون من الصعب البدء في تنفيذ إجراءات التقشف العاجلة التي يحتاج إليها الاقتصاد المصري في إطار عملية إصلاحه. ويرى المعارضون أن من الصعب على حكومة الرئيس محمد مرسي تنفيذ الإصلاحات اللازمة للحصول على قرض بقيمة 4.8 بليون دولار من صندوق النقد الدولي، وربما يواجه «حزب الحرية والعدالة» معركة شرسة في الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في غضون ثلاثة أشهر. وفي ضوء الأزمات التي تعانيها مصر، أعلن وزير المال ممتاز السعيد، أن حزمة التعديلات الضريبية الأخيرة لن تمس محدودي ومتوسطي الدخل، وأنها لا تزيد العبء الضريبي على تلك الشرائح بأي حال من الأحوال، بل تستهدف القضاء على الثغرات التي يستغلها البعض للتهرب من أداء حقوق الخزينة العامة، وهو ما تؤكده التعديلات الجديدة بإلغاء ضريبة المبيعات على السلع الرأس مالية تشجيعاً للاستثمارات الصناعية الجديدة. ودعا السعيد خلال اجتماعه مع «الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين» برئاسة محمد فريد خميس، إلى منح حافز لضم القطاع غير الرسمي لمظلة الدولة من خلال إعفاء كل المنشآت العاملة في القطاع غير الرسمي من الضرائب والرسوم المستحقة على نشاطها خلال السنوات الماضية بالكامل، بشرط تسجيلها لدى مصلحة الضرائب خلال مهلة 12 شهراً من تاريخ سريان التعديلات. ولفت إلى أن تعديلات ضريبة المبيعات تناولت عدداً محدوداً من السلع والخدمات لا يتجاوز 25 سلعة وخدمة، كما أن نصف هذا العدد جرى فقط تغيير أسلوب المحاسبة الضريبية بنقله من جدول إلى آخر، مثل الأسمدة والمياه الغازية والبن والحلوى ومنتجات الصابون والجبس وفضلات وخردة الحديد. أما السلع التي تغير سعرها الضريبي فراعت الحكومة ألا تكون سلعاً تمس محدودي الدخل، مثل المشروبات الكحولية ومنتجات الجعة ومنتجات التبغ والمعسّل، وفق الوزير، الذي أوضح أن أسعار السجائر زاد فقط بنحو 75 قرشاً للعلبة للمنتج المحلي، ونحو جنيه للمنتجات الأجنبية المصنعة في مصر. أما السجائر المستوردة فالزيادة عليها تبلغ 125 قرشاً فقط. ولفت إلى أن من السلع التي تغير سعر الضريبة عليها أيضاً تتضمن قضبان الحديد التي ارتفعت ضريبتها من ثمانية في المئة إلى عشرة في المئة، والأسمنت من خمسة إلى عشرة في المئة، وهذه التعديلات جاءت بناء على اقتراح وطلب من شعبة مواد البناء. وأكّد وزير المال أن كل السلع الغذائية الأساسية مثل الرز أو السكر أو الدقيق المخصص لإنتاج الخبز بجميع أنواعه والأدوية، لم تشهد أي تغيير في الضرائب، مشيراً إلى أن كل السلع التي يجري صرفها ببطاقات التموين لا يوجد عليها أي ضرائب مبيعات، وهي مدعّمة ويستفيد منها نحو 63 مليون مواطن. وبالنسبة إلى الخدمات التي تغيرت معاملتها الضريبية، أكد الوزير أنها تشمل ثلاث خدمات فقط هي خدمات الخليوي التي زادت ضريبة المبيعات عليها من 15 إلى 18 في المئة، إلى جانب فرض ضريبة 25 جنيهاً على كل خط هاتف خلوي جديد يجري شراؤه. وألزمت التعديلات سلاسل المحال التجارية الحاصلة على ترخيص سياحي بتسديد ضريبة المبيعات على خدمات كل فروعها، وليس على فرعين أو ثلاثة، كما رفعت فئة الضريبة على خدمات الوكلاء الفنيين من خمسة في المئة إلى عشرة في المئة، خصوصاً رفع رسوم تراخيص الملاهي والمحاجر والمناجم من 300 جنيه (48 دولاراً) إلى ألف جنيه سنوياً، ورخصة استغلال بعض المحال من 18 جنيهاً إلى ألف جنيه سنوياً. أما في ما يخص ضريبة الدمغة على التسهيلات المصرفية والقروض والسلف، فلم تتغير وبقيت عند أربعة في الألف يتحملها المصرف والزبون مناصفة. وبالنسبة إلى ضرائب الدمغة على الإعلانات، أوضح وزير المال أنه جرى خفض سعر الدمغة من 15 في المئة حالياً إلى 10 في المئة على الإعلانات التي تقل قيمتها على مليون جنيه، وعلى صعيد ما تزيد قيمته على مليون وحتى 25 مليوناً، فإن الضريبة بقيت كما هي عند 15 في المئة، لافتاً إلى استحداث فئة جديدة وهي 25 في المئة على الإعلانات التي تزيد قيمتها على 25 مليون جنيه. وأكد رئيس «الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين» محمد فريد خميس تأييد الاتحاد وتضامنه مع الحكومة في إجراءاتها لدعم الاقتصاد المصري، والتغلب على المشاكل الراهنة التي تشهدها مصر، معلناً ترحيبه بالحوار المجتمعي الذي دعا إليه الرئيس مرسي حول مستقبل الاقتصاد المصري وحزمة التعديلات الضريبية. وطالب بحزمة من الإجراءات لرفع مستوى ضرائب الدخل الحالي بنحو عشرة في المئة إضافية على من تزيد أرباحه السنوية على 50 مليون جنيه سواء كان شركة أو فرداً، وزيادة مستوى الضرائب بنحو خمسة في المئة على من تزيد أرباحه على عشرة ملايين جنيه حتى 50 مليون جنيه. لكن المستثمر محرّم هلال قال ل «الحياة» إنه يرحب بالقرارات الأخيرة لتعديل الضرائب «كي تتجاوز مصر الموقف الحالي الذي يعد الأسوأ في تاريخها»، بيد أنه دعا إلى تفعيل قرار توزيع قوارير الغاز بالقسائم، مع تحريك السعر وفق ما جرى الاتفاق عليه مع مصانع تعبئة الأنابيب إلى ثمانية جنيهات للقارورة، ما سيؤمن للخزانة العامة نحو ثمانية بلايين جنيه سنوياً.