منذ زمن طويل والكاتب تركي فيصل الرشيد يبدع بطريقة راقية وينشر إبداعاته النثرية من آراء ومقالات في الصحف المهمة، ويبدو أنه أحسّ مثلنا بضرورة متابعة هذه الكتابات مع بعضها، وكأنها هيكل متجانس لا يفصل بينها شيء، ففكّر في جمعها وتقديمها للقارئ العربي في كتاب سمّاه «الطبعة الأولى». يقول الرشيد في مقدمة هذا الكتاب الثمين بما يحتويه: «ناقشت في كتابي هذا عدداً من القضايا الاجتماعية نحو مجتمع أفضل وخال من الفساد، إضافة إلى كثير من قضايا الشباب، والسجون، والمجتمع المدني، والقبيلة ومشكلة النفايات والقمامة خارج النطاق العمراني، وما بات حلماً للسعوديين بتملك منزل وغيرها من قضايانا الاجتماعية، التي نحتاج إلى تدبرها وعقد مناقشات مجتمعية عامة لوضع حلول لها». جاء الكتاب في 384 صفحة من القطع الوسط متضمناً ستة أبواب، الباب الأول: قضايا اجتماعية، وبحث وآثار قضايا المجتمع وأخطاؤه وطرق التعامل مع تلك المشكلات الاجتماعية وسبل حلها. والباب الثاني: قضايا زراعية، وفيه تناول الاستراتيجية الزراعية في المملكة العربية السعودية، وتنمية الأرياف وعلاج فجوة الأمن الغذائي العربي ومعوقات ومغريات الزراعة في كل من السودان ومصر ... إلخ، أما الباب الثالث من الكتاب، فكان مخصصاً لقضايا التعليم والجامعات ومستقبل التعليم العالي في دول الخليج. فيما احتوى الباب الرابع على قضايا إعلامية كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال: الظهور في وسائل الإعلام.. من كماليات العصر أم ضروراته؟ والإعلام والجماهير، علاقة تحتاج إلى التقويم والإعلام السعودي بين الواقع والمأمول. كما جاء الباب الخامس مخصصاً لقضايا تطوير الذات، وفيه قضايا مهمة عن تحديد الأهداف والطريق إلى النجاح ودراسات عن متوسط عمر الموظف، في مقابل العمر عند التقاعد وفن التعامل مع الآخرين. أما الباب السادس والأخير فكان موسوماً ب«قضايا عامة» وفيه: أسطورة صاحب المنصب والمعتقدات الدينية حين تكون وسيلة للشر وحياتنا الجنسية بين الوهم والواقع .. الخ. كتاب «الطبعة الأولى» هو دراسة نقدية لواقعنا الذي نعيشه وهو تقويم لقضايا محورية تهم الإنسان والبيئة والوطن. حاول الكاتب أن ينظر إلى الأمور من منظور تحليلي، كما أنه حاول أن يوجد الحلول الناجعة لمواجهة المشكلات التي تعترض تطور الفكر والإبداع والتعامل بين الناس. كتابات الكاتب تركي لا تقتصر على موضوع محدد، بل تتناول جوانب حياتية مهمة جداً نكون غافلين عادة عنها فنقع في الأخطاء والتكرار فيها من دون أن نحس بارتكابها. هذا الكتاب جدير بالقراءة والمناقشة لما يحمله من أفكار مهمة وحلول مبتكرة ورائعة، وحتى بناء الإنسان العصري والواعي والخلاق يكون بين سطور الكتاب، الذي يحدد العلاقات التي من خلالها يمكن لحركة التطور أن تكون راقية، ومواكبة للعصر السريع الذي نعيشه الآن. وهذه دعوة للمهتمين بالشأن الإنساني العام لقراءة هذا الكتاب وتطبيق الأفكار على أرض الواقع، وأعتقد بأنه لن يخسر أحد لو جرّب ذلك.