لم تعد العائلات البغدادية تحب الخروج إلى المتنزهات وزيارة الأقارب يوم الخميس من كل أسبوع، على رغم أنه اليوم المفضل لدى البغدادين للترفيه عن أنفسهم. أما السبب فهو كثرة الأعراس والأفراح التي تقام عادة في هذا اليوم، وبالتالي كثرة مواكب السيارات الخاصة بالأعراس، ما يؤدي إلى إغلاق بعض الشوارع و«اختناق» بعضها الآخر بازدحام السيارات. ومن عادات البغداديين في الأعراس أن يجمع أهل العريس أكبر عدد من أصدقائه وأقربائه مع سياراتهم أثناء توجههم إلى بيت العروس لنقلها إلى بيت الزوجية. وكلما زاد عدد موكب سيارات العريس كان ذلك مفخرة له. غير أن هذه الظاهرة تتسبب بأزمات مرورية كثيرة، ما بين الازدحام بسبب بطء سير مواكب الأعراس لأخذ الصور والنزول إلى الشوارع للرقص، وبين حصول حالات اصطدام سيارات ببعضها بعضاً، إضافة إلى حصول حوادث قد تكون قاتلة بسبب خروج بعض الشباب والمراهقين والأطفال من زجاج السيارات أثناء سير مواكب الأعراس. تفاقم هذه الظاهرة بلا رادع، إضافة إلى تزايد الأعراس في بغداد، دفعا أبو سرمد وعائلته إلى تغيير ما اعتادت عليه العائلة منذ سنوات بأن يكون يوم الخميس موعداً ثابتاً للتنزه وزيارة الأقارب، فاختار أياماً أخرى غير هذا اليوم الذي عادة ما يكون مزدحماً. يقول أبو سرمد: «أصبحت الظاهرة لا تحتمل. قبل أسبوعين صادفت موكباً كبيراً من السيارات لأحد الأعراس، بعض السائقين كانوا يقودون برعونة وتهوّر، وصدم أحدهم سيارتي من الخلف، ولم يكن هناك أي رجل مرور للشكوى عنده». هذه الحوادث جعلت بعض العرسان يختارون يوماً غير الخميس لإقامة حفلات الزفاف... حتى باتت كل الأيام الأسبوع عامرة بالأفراح. ويعترف النقيب في شرطة المرور أحمد العزاوي بصعوبة ضبط حال المرور أثناء الأعراس بسبب كثرة السيارات، ما تتعذر معه محاسبتها. ويرى أن «الأمر يحتاج إلى وعي البغداديين المسؤولية من أجل إنهاء هذه الظاهرة التي تشوه شوارع العاصمة وتسبب حوادث مرورية كثيرة». لكن ذلك ليس وحده ما يعكّر أجواء الأعراس في العراق، إذ يعمد بعض مواكب السيارات إلى إطلاق النار في الهواء بكثافة، ما يسبب أجواء مخيفة بين المارة. وعلى رغم أن العشرات من نقاط التفتيش المنتشرة في بغداد تحاسب المواكب على إطلاق النار في الهواء، فإن غالبية مطلقي النار هم ضباط أو عناصر أمن يستخدمون سلاحهم المرخّص في الأفراح، ما يجعل بعض نقاط التفتيش يخشى من التعرض للمحاسبة أحياناً.