فتحت مراكز الاقتراع حول استفتاء استقلال اسكتلندا عن الممكلة المتحدة صباح اليوم الخميس، ليبدأ الحدث التاريخي الذي يمكن أن يؤدي إلى قيام دولة أوروبية جديدة، ويطرح مستجدات جغرافية سياسية وإقتصادية جديدة على البلدين. وفي حال صوّت الإسكوتلنديون ب"نعم" على الإستفتاء، ستتكبد بريطانيا خسائر كبيرة من الناحية الجغرافية، إذ ستتقلص مساحتها 243 ألف كيلومتر الى 164 ألف كيلوميتر، أي ستفقد بريطانيا 32 في المائة من مساحتها كما ستفقد ثمانية في المائة من عدد سكانها، ليتقلص إلى 58.7 مليون نسمة. ومن الناحية العسكرية والسياسية تعتمد بريطانيا على القواعد الأسكتلندية في تعزيز قوتها النووية، ما ييسر عمليات الدعم والصيانة، وفي حال الإنفضال، سيكون على الغواصات النووية البريطانية الأربع من طراز "ترايدنت" أن تغادر قاعدة "فاسلين" في غرب إسكتلندا قبل حلول العام 2020. وسيشكلّ إستقلال إسكتلندا خطراً على مكانة بريطانيا الدولية، وعلى الرغم من أنّ الأخيرة ليست عضواً في الإتحاد الأوروبي إلاّ أنها لاعب أساس، إذ تملك بفضل عدد سكانها الحق في التصويت من خلال 29 صوتاً. وبذلك ستخرج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي وتخسر مقعدها الدائم ولن تعود من ضمن الدول الثلاث الكبرى في "الأوروبي"، إلى جانب ألمانيا وفرنسا، فمن المتوقع أن تنخفض إلى المرتبة الرابعة بعد إيطاليا وفقاً لعدد سكانها. ولن تقتصر خسائر المملكة المتحدة على هذا الحدّ، فهناك خسائر إقتصادية من المتوقع أن تتكبدها بريطانيا إذا تمّ الإنفصال. قد يهبط الجنيه الإسترليني إلى معدّلات غير مسبوقة، إذ إن الأثرياء وصناديق التحوُّط وأصحاب الاستثمارات الضخمة بدؤوا فعلياً بسحب استثماراتهم وأموالهم من بريطانيا. في المقابل، هناك تحديات عدّة ستواجه الإسكتلنديين في حال إختاروا الإستقلال أبرزها دولي، فكثير من دول الإتحاد الأوروبي رافضة لهذا الإستقلال بحجة أن إسكتلندا ستصبح دولة ضعيفة ولن يكون لها أي ثقل دولي، ما سيضطرها إلى صياغة علاقاتها الدولية من جديد ومواجهة معضلة العضوية فى الحلف الأطلسي (الناتو) الذي تعارضه، وإعادة التفاوض مع الاتحاد الأوروبى لكسب العضوية كأنها عضو جديد ينضم للمرة الأولى، لا سيما أنّ أموال الاتحاد البريطاني هي التي أنقذت البنوك الأسكتلندية من الانهيار إبان أزمة مالية طاحنة ضربت العالم في العالم 2008، اذ ضخّت بريطانيا نحو 187 بليون جنيه إسترلينى فى البنوك الأسكتلندية. بالإضافة إلى أنّه سيحتّم على اسكتلندا بناء جيش جديد يحمي حدودها، لا سيما البحرية التي تضم منصات آبار النفط ومن المتوقع أن ينشب معارك قانونية على ملكيتها بين البلدين. فهل البلدين مستعدين إلى هذه التحديات، هذا ما سنراه خلال الأيام المقبلة.