رفع التمثيل الفلسطيني إلى «دولة مراقب» في الأممالمتحدة يترتب عليه جملة من الاستحقاقات التي سترتسم على أرض الواقع محلياً وإقليمياً ودولياً، وكذلك المصالحة الفلسطينية لها استحقاقات وواجبات تنتظر التطبيق. أول هذه الاستحقاقات ل «دولة مراقب» تغيّر المنظور العام لفحوى المواجهة السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإدخالها في مرحلة جديدة تتغير فيها المعادلة من المواجهة التقليدية المحلية إلى المواجهة الدولية ( بين الإسرائيليين والمجتمع الدولي). أما الاستحقاق الثاني، فهو شرعية التوجه إلى المحكمة الجنائية والدولية لمقاضاة إسرائيل على «جرائمها»، وهذا يشكل نقطة مفصلية للتحول من الدفاع إلى الهجوم. والاستحقاق الثالث، وهو الأهم، تحول الأراضي الفلسطينية ضمن حدود 67 من أراض متنازع عليها إلى أراض فلسطينية لها حدود دولية إقليمية مع الطرف المجاور، واعتبارها محتلة يجب تحريرها، بحسب ما تنص عليه القرارات الدولية، وهذا ما تحتاجه مدينة القدس العاصمة المتنازع عليها. وعلى رغم كل تلك الاستحقاقات، يجب أن نعرف، كمثال بسيط، مقارنة بإسرائيل أن الولاياتالمتحدة دمرت العراق وألحقت به ما ألحقت من قتل واغتصاب إلى غير ذلك من أعمال «سياسة اللامبالاة» ولم يحاسبها المجتمع الدولي على أفعالها الإجرامية، لأننا نعيش في شريعة الغاب التي يسيطر فيها القوي على الضعيف، ما يعني أن معركتنا هي مع أميركا الداعمة لإسرائيل، وإن ظهرت بعض تصريحات الشجب والاستنكار الدولية ضد مشاريع الاستيطان الإسرائيلية، إلا إنها فقاعات سياسية يراد بها باطل. أما المصالحة الفلسطينية، فمنذ اليوم الأول للهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة تحركت الجماهير الفلسطينية بكل أطيافها ونزلت إلى الشوارع مطالبة بإعادة اللُحمة والوحدة الوطنية الفلسطينية، ولكن ما \هي استحقاقات المصالحة؟ إن تلك التحركات من الناحية الشكلية جيدة، أما من الناحية الجوهرية فهي صعبة التطبيق، وقد أتت كهبة ترتبط بالعواطف أكثر من المضمون، وتتجسد «ارتباطاً» بالنظريات بعيداً عن التطبيق، فهناك فرق شاسع بين النظرية والتطبيق. المصالحة تحتاج إلى كثير من التطبيقات التي تتمحور في إطار التنازل عن المصالح الحزبية والرسمية في كلا الاتجاهين. فالمسيرات الانفعالية التي لا ترتسم ضمن إطار التطبيق العملي على أرض الواقع هي نظريات بامتياز، ما يتطلب من الجميع الترفع عن المناصب والمصالح الحزبية، حينها نستطيع القول إن هناك مصالحة. وفي حال بقيت التطلعات الفلسطينية تتربع بين ثنايا الازدواجية الحزبية والمناصب الرسمية، سيزداد الانقسام الفلسطيني تشظياً من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. إذاً، بما أن العالم حشد كل قواه للتصويت لمصلحة فلسطين في الأممالمتحدة، أفلا يستطيع الشعب الفلسطيني حشد قواه لإنهاء صفحة الانقسام؟