وصف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند زيارة الدولة الأولى له للجزائر، والتي بدأت أمس، بأنها «عصر جديد»، بعد خمسين سنة من ذكرى استقلال الجزائر عن الاستعمار الفرنسي. لكنه نفى أنه جاء ليقدّم الاعتذار عن الماضي الاستعماري لبلاده بل للتحضير للمستقبل. وأعدت الحكومة الجزائرية استقبالاً شعبياً كبيراً لضيفها الفرنسي، في مؤشر إلى وجود رغبة مشتركة في توطيد العلاقات. ووصل هولاند بعد الظهر إلى العاصمة الجزائرية على رأس وفد وزاري كبير ضم تسعة وزراء، في طليعتهم وزراء الخارجية لوران فابيوس والدفاع جان ايف لودريان والداخلية مانويل فالز. واستقبله الرئيس عبدالعزيز بوتفليقه في استقبال شعبي كبير وحشود من الخيّالة، فيما كانت حشود شعبية تهتف باسم بوتفليقة وهولاند وتغني أناشيد وطنية. واستقل الرئيسان سيارة مكشوفة على الشاطىء الجزائري وسط اجراءات أمنية مشددة. ويلقي هولاند اليوم خطاباً وُصف بأنه «مهم» أمام البرلمان في العاصمة الجزائرية، ثم ينتقل إلى تلمسان (غربا) حيث يلتقي طلاب جامعتها ويُلقي خطاباً أمامهم. وترافقه صديقته فاليري تريرفاليير التي زارت المدرسة الفرنسية في العاصمة وسارت في الموكب الرئاسي وراء الرئيسين خلال جولتهما على الشاطئ. وقال هولاند، في مؤتمر صحافي بعد لقائه الرئيس بوتفليقة إنه «ليس آتياً للجزائر للاعتذار»، مشيراً إلى أن الأهم من ذلك أنه «واع لما حدث في الماضي» وأنه «يريد المضي قدماً نحو المستقبل مع الجزائر وأن تُفتح صفحة جديدة مع هذا البلد وتُقال الحقيقة حول الماضي والحرب وما حدث في الاستعمار». وأعلن أنه أراد أن يبدأ بالجزائر أول زيارة دولة يقوم بها للخارج بعد انتخابه «لأن هذه السنة هي السنة الخمسون بعد استقلال الجزائر... وهناك اتفاقات عديدة وشراكات جديدة سيتم توقيعها خلال الزيارة، ولأسباب خاصة بتاريخي الشخصي في الجزائر». لكنه أضاف أنه راغب بعلاقات جيدة أيضاً مع المغرب وتونس وأنه سيزور المغرب «السنة المقبلة». وقال هولاند عن محادثاته مع بوتفليقة عن سورية «إن هناك توافقاً بيننا حول مهمة مبعوث الأممالمتحدة إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، وثقتنا تامة بأن عليه أن يبحث عن حل للانتقال السياسي في سورية. ولكن بالنسبة إلى الائتلاف السوري المعارض، الذي توصلنا إليه (مع الجانب الجزائري) هو أن هناك اختلافاً في الرأي بيننا، وأنا احترمه. لقد تمنينا بتشكيل هذا الائتلاف أن يكون هناك محاور شرعي للانتقال السياسي في سورية، (إئتلاف) يمثّل سورية الغد، وهذا كان خيارنا». وعما إذا كان يعتقد بأن الجزائر بمنأى عن «الربيع العربي» الذي حدث في جارتيها تونس وليبيا، قال الرئيس الفرنسي: «عندما نسأل الجزائريين يقولون إن ربيعهم قد تم وإنهم تغلّبوا على الإرهاب... مرّت الجزائر بمراحل وتغلّبت على الإرهاب، والآن البرلمان الجزائري يقوم بالمرحلة الأخيرة من مراجعة الدستور. والجزائر لم تشهد ما حصل في الدول المجاورة، فالمراحل مختلفة وليس هناك نموذج مماثل لكل الدول. لكنني أريد أن أحيي الشجاعة الجزائرية». وعن الأزمة في مالي، نفى هولاند أن يكون هناك خلاف في الرأي. وقال إن «الجزائر تؤيد المفاوضة السياسية ومكافحة الإرهاب شرط أن لا يفرض تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي نفوذه على الأرض في مالي. وفرنسا ترى أن مجلس الأمن هو الذي يعطي للأفارقة القرار من خلال تأييد حكومة مالي لمكافحة الإرهاب». وعن الإسلام في فرنسا، قال: «إننا نسمح أن يكون للجزائريين في فرنسا حرية ممارسة دينهم، ولكن بالنسبة إلى مجلس الإسلام الفرنسي ينبغي أن يكون مجلساً شرعياً ممثلاً للجميع ومحترماً من الجميع». وأوضح انه لن يعتمد نموذج «معاهدة الصداقة» التي لم تتم بين فرنساوالجزائر بل يستبدلها ب «إعلانات صداقة وتعاون وإطار شراكة».