يبدأ الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند غداً الأربعاء زيارة دولة للجزائر هي زيارة الدولة الأولى في عهده الرئاسي إلى الخارج. واختار هولاند الجزائر خلافاً لتقليد رئاسي فرنسي بأن تكون الزيارة الأولى للمغرب، في لفتة إلى بلد يعرفه جيّداً وزاره مرات عدة في السنوات الأخيرة، علماً أنه أيضاً محاط بأصدقاء ومقربين من أصل جزائري مثل مدير حملته الانتخابية حمزة لمداوي وغيره من المقربين الذين يُطلق عليهم في فرنسا «لوبي الجزائريين» حول هولاند. وكان هولاند استقبل فور وصوله إلى الرئاسة العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي جاء للتهنئة، كما أرسل رئيس الحكومة الفرنسي جان مارك أيرولت قبل حوالى أسبوع إلى المغرب، في تأكيد للتوازن في علاقة فرنسا بكل من البلدين الجارين. وكان هولاند أمضى خلال حياته الطالبية ستة أشهر في السفارة الفرنسية في الجزائر. وتولي مصادر الرئاسة الفرنسية أهمية كبيرة للزيارة التي تصفها بأنها «سياسية بامتياز» وإن كان لها جانب اقتصادي مهم. إذ يرافق قرابة 40 رجل أعمال فرنسياً الرئيس في زيارته وهم سيلتقون رؤساء شركات جزائرية في لقاء يفتتحه هولاند ونظيره الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة. وينتقل هولاند الخميس إلى تلمسان التي يتحدر منها بوتفليق، ويُلقي خطاباً أمام تلامذة جامعتها. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أول من أمس في حديث تلفزيوني رداً على سؤال عما إذا كانت هناك نية فرنسية للاعتذار عن تاريخ فرنسا في الجزائر: «الرئيس بوتفليقة قال لنا إنه ينبغي الآن طي الصفحة وليس تمزيقها». ويطالب الجزائريون باستمرار أن تعتذر فرنسا عن «ماضيها الاستعماري» لبلادهم. والجدير بالذكر أن الزيارات الرئاسية الفرنسية السابقة هدفت باستمرار إلى إطلاق علاقات جيدة بين البلدين، لكنها كانت تسوء لاحقاً. فالرئيس السابق جاك شيراك قام بزيارة دولة إلى وهران في غرب الجزائر، واتفق على أن يتم التوصل إلى معاهدة صداقة بين البلدين لكنها لم توقّع وانتهت في سلة المهملات في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي الذي زار في 2007 الجزائر وأراد انطلاقة جديدة على طريقته، ولكن سرعان ما ساءت العلاقات بعدما أُوقف في مرسيليا أحد مسؤولي البروتوكول للرئيس بوتفليقة وبعد صدور توقعات من الجانب الجزائري بأن تقدم فرنسا على الاعتذار عن تاريخها في الجزائر. وأعتذر هولاند أخيراً عن حادثة قتل محتجين جزائريين عام 1961 في باريس كانوا يتظاهرون تأييداً لاستقلال بلادهم، في أول موقف فرنسي رسمي من نوعه بخصوص هذه الحادثة التي يصفها الجزائريون ب «المذبحة». وقال هولاند في بيان: «في 17 تشرين الأول (أكتوبر) عام 1961 قُتل جزائريون كانوا يحتجون من أجل الاستقلال في قمع دموي.. الجمهورية تُقر بهذه الحقائق بكل وعي.. أقدم الاحترام للضحايا بعد 51 سنة من ذلك». إلى ذلك، يُتوقع أن تتناول الملفات الخارجية التي سيبحثها هولاند مع بوتفليقة الوضع في مالي واحتمالات التدخل العسكري فيه، علماً أن الجزائر تفضّل الحوار السياسي على التدخل العسكري الذي طالب به الرئيس الفرنسي للتخلص من الجماعات «الإرهابية» التي تسيطر على شمال مالي. كما يُتوقع أن يبحث الزعيمان في العلاقات المغربية - الجزائرية المعطلة مع بقاء الحدود مغلقة بين البلدين، وأزمة الصحراء الغربية. ويُتوقع أن الرئيس الفرنسي سيناقش موضوع الصراع في سورية وسيستمع إلى ما لدى بوتفليقة من تحليل للتطورات في منطقة المغرب العربي، بما في ذلك ليبيا وتونس.