يساور القلق مؤسسات الحكم الأردنية من إمكان وصول جماعة «الإخوان المسلمين» للحكم في سورية عقب سقوط نظام الرئيس بشار الأسد. وكشفت مصادر رسمية وسياسية موثوق بها ل «الحياة»، أن «المملكة تتخوف من استمرار صعود جماعات الإخوان في العالم العربي، كما تخشى من انضمام سورية للتحالف الإسلامي الجديد عقب الإطاحة بالنظام الحالي». وأكدت هذه المصادر التي اشترطت عدم الإشارة إليها، أن «أي نفوذ مرتقب للإخوان المسلمين السوريين سينعكس بشكل مباشر على إخوان الأردن، ويرفع سقف مطالبهم الإصلاحية، وخصوصاً الدعوة لتقويض صلاحيات الملك عبدالله الثاني». ويطالب الإسلاميون الأردنيون منذ كانون الثاني (يناير) 2011 بإصلاحات سياسية واقتصادية وتعديلات دستورية تشمل تقويض صلاحيات واسعة للقصر، وخصوصاً إقالة وتعيين الحكومات واختيار أعضاء مجلس الأعيان (البوابة الثانية للبرلمان). وتحدث سياسيون وإعلاميون حضروا لقاءات جديدة جمعت مرجعيات عليا في الدولة بشخصيات قومية ويسارية، عما اعتبروه «استياء أردنياً من محور عربي-إقليمي بات يعلن تحالفاً واضحاً مع جماعات الإخوان المسلمين الصاعدة بدول الثورات العربية». وأبدى مسؤولون أردنيون كبار خلال هذه اللقاءات، التي نقلت تفاصيلها إلى «الحياة»، خشيتهم من «قيام نظام إخواني في سورية»، وتحدث هؤلاء أيضاً عن «قلق بعض دول الخليج من مستوى التدخل الإقليمي في سورية لصالح انضمامها لتحالفات متطرفة». وكانت «الحياة» نشرت تفاصيل لقاءات غير معلنة جمعت ناشطين سياسيين بالعاهل الأردني الذي حذر من تشكل تحالف عربي جديد يغلب عليه «التطرف». ولم يتردد رئيس حركة اليسار الاجتماعي، خالد كلالدة، الذي حضر إحدى هذه اللقاءات عن القول إن «الأردن قلق من دول عربية يرى أنها تسعى لتجاهله من جهة وتأمل بضم سورية إليها من جهة أخرى». لكن المسؤولين الأردنيين كشفوا خلال لقاءات مماثلة جرت أخيراً، تشكل مقاربة أردنية جديدة تجاه الأزمة السورية بعيداً من مقاربات سابقة اعتمدت رسميا حتى منتصف العام، ورأت أن بقاء النظام السوري «أفضل بكثير من سيطرة جماعات دينية متطرفة على السلطة، ما يعني الدخول بحرب أهلية طاحنة قد تستمر لسنوات وتؤثر بشكل مباشر على الأردن». ووفق هؤلاء، فإن المقاربة المعدلة «تنبع من شعور أردني جديد بانحياز القوى الغربية لخيار تنحي الأسد». لكن موقف الأردن الرافض لتسليح المعارضة أو المشاركة بأي عمل عسكري ضد سورية لم يتغير، وفق مسؤول أردني كشف ل «الحياة» استعداد بلاده لتقديم دعم سياسي أكبر للمعارضة السورية في مواجهة التيارات «المتطرفة» والناشطة عسكرياً. ويشترط الأردن مقابل هذا الدعم -وفق المسؤول نفسه- ثلاثة مسائل: «وحدة سورية أرضاً وشعباً»، و «ضمان مشاركة جميع مكونات الشعب السوري وطوائفه في تقرير مستقبل بلدهم»، و «الحفاظ على مؤسسة الجيش السوري موحدة وقوة وحيدة»، ما يعني عملياً عدم الاعتراف بقوات الجيش السوري الحر. إلى ذلك، قال الناطق باسم الحكومة الأردنية الوزير سميح المعايطة أمس، إن «كل الاحتمالات والخيارات السلبية حيال الأزمة السورية واردة، إن لم يتم التوصل إلى حل سياسي بين الأطراف كافة». وأضاف أن «أطرافاً (لم يحددها) كانت ترغب في أن ترى الأردن في هذا المعسكر أو ذاك»، معتبراً أن موقف بلاده في ما يخص الوضع السوري «لم يكن مجانياً، بل كان له ثمن يدفعه». وتابع: «إن لم يكن هناك حل سياسي سريع، ربما ستكون المراحل الأولى في سورية أصعب وكل الاحتمالات السلبية ستكون واردة». ويشار إلى أن الأردن يرتبط مع سورية بنقطتي حدود بطول 360 كلم، الأولى تقع في مدينة الرمثا ويقابلها على الجانب السوري مدينة درعا، والثانية حدود جابر ويقابلها في الجانب السوري نصيب. وتبعد درعا عن الرمثا حوالى 11 كلم فقط، ويعمل غالبية أبناء المدينة الأردنية على نقل البضائع من سورية إلى الأردن. ويقدَّر حجم التبادل التجاري بين البلدين (قبل الثورة) بأكثر من مليون دينار يومياً وفق الإحصاءات الرسمية.