الممثل جيرار دوبارديو تخلى عن جنسيته الفرنسية، ويرغب في الاستقرار في قرية صغيرة بلجيكية على بعد كيلومتر من فرنسا، تعبيراً عن استنكاره للضريبة المرتفعة على الثروات الضخمة التي أقرتها الحكومة الاشتراكية. النشرات الإخبارية الفرنسية اهتمت كثيراً بالخبر. ولثلاثة أيام متوالية كان الخبر عنواناً لها، وسرعان ما تحول إلى «قضية دولة» بعدما قام رئيسا الجمهورية والحكومة بالتعليق عليه. «فرانس 2» استضافت رئيس الحكومة الذي صبّ زيتاً على النار بقوله: «دوبارديو نجم كبير ولكن، أن يكون في الجهة الثانية من الحدود فثمة في الأمر ما يبعث على الرثاء، وهذا كله من أجل ألا يدفع الضرائب». الممثل اشتعل غضباً من الوصف فهو يدفع ضرائبه مهما كانت نسبتها وسدد 85 في المئة من دخله هذا العام كضريبة، وكان مقدار ما دفعه للدولة خلال 45 عاماً 145 مليون يورو كما وضح في رسالة موجهة، عبر الصحافة وليس التلفزيون، لرئيس الحكومة. أما «تي أف 1» فاستضافت في نشرتها المسائية الممثل الفكاهي من أصل مغربي جمال دبوز الذي يربح هو الآخر أموالاً طائلة وله شعبية في فرنسا، لكنه خلافاً للممثل الفرنسي لا يفكر بمغادرة فرنسا أبداً، إذ يقول: «عانيت كي أصل إلى فرنسا لا كي أغادرها». ومع هذا لم يقل صراحة رأيه في الضرائب المرتفعة بل دعا زميله بأسلوبه المعهود الساخر إلى العودة... تتابعت الاستضافات والتحقيقات على محطات أخرى فاتصلت «بي أف أم الإخبارية» بمسؤولة بلجيكية للهجرة أعلنت أن بلدها لا يريد استقطاب الهاربين من الضرائب بل هؤلاء الذين يربطهم شيء به وبثقافته... وعادت «فرانس 2» مجدداً مرتين إلى القضية ودائماً لإيراد ما لا يصبّ في مصلحة الممثل من رد رئيس الحكومة على الرد ومن خلال البحث في الأرشيف عن تصريح لدوبارديو يعود إلى ثلاثين سنة، بأنه رجل «حر» ويتفهم التخلص من القيد الضريبي هذا، بما قد يدفع المشاهد إلى الاستنتاج بأن رفع الحكومة للضريبة على الثروات أخيراً لم يكن سوى ذريعة لتنفيذ رغبة قديمة للممثل. كذلك، من بين الفنانين الذين انقسموا بين مؤيد ومعارض لدوبارديو اختير المخرج كلود لولوش الذي قال إن دوبارديو ممثل جيد ومحبوب وربما هذا دور آخر يلعبه، لكنه شخصياً لا يتفهم الهجرة من أجل الضريبة. تثير متابعة وسائل الإعلام لهذا الحدث أسئلة كثيرة حول «خيار» الأشخاص الذين يبدون آراءهم ومنهم جمال المعروف بمواقفه الداعمة لسياسة الرئيس هولاند، وحول هذا الاستقطاب الكبير والاستنكار لموقف دوبارديو المعروف بدعمه للرئيس السابق ساركوزي، فلماذا مثلاً لم ينتبه الإعلام كثيراً لإقامة لاعب التنس العالمي الفرنسي يانيك نواه في الخارج للتهرب من الضرائب، هل لأنه «اشتراكي» الهوى كما يغمز بعضهم؟