قال الزعيم المنتخب ل «الاتحاد الاشتراكي» المغربي إدريس لشكر إنه لن يسمح لأي جهة أو طرف بوضع اليد على حزبه أو النيل من استقلالية قراراته. وشدد على أن الحزب سيظل في المعارضة إلى حين ظهور معطيات جديدة تؤهله لتغيير موقعه من خلال الإذعان لإرادة الناخبين في صناديق الاقتراع. ورأى المسؤول الحزبي أن الأولوية بعد الانكباب على المسائل التنظيمية ستُعطى للانفتاح على مكوّنات اليسار لتشكيل تيار في مواجهة المد المحافظ الذي تشكله الحكومة. وقال إن وحدة اليسار مسألة أساسية لمعاودة بناء التوازن الذي «اختل لفائدة القوى المحافظة»، في إشارة إلى تزايد نفوذ حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي في اشتراعيات تشرين الأول (أكتوبر) 2011. ودعا، في غضون ذلك، إلى التصدي «لأي اعتداء تتعرض له الحريات العامة». لكنه ترك الباب مفتوحاً أمام إمكان بناء تحالف جديد مع حزب «الاستقلال» الذي قال إنه مد له اليد. وعرض بهذا الصدد إلى النتائج «الإيجابية» التي حققها تحالف الحزبين، الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، عندما كانا في المعارضة ومهدا لتشكيل أول حكومة تناوب عام 1998. لكنه رهن بناء التحالف الجديد بوضع أسس جديدة ومتينة. ورأى مراقبون في كلام إدريس لشكر الذي كان التزم بجذب الاستقلال إلى المعارضة في حال انتخابه قائداً للحزب، مؤشراً إلى تطورات تنحو في اتجاه تضييق الخناق على حكومة عبدالإله بن كيران. ولفت مراقبون إلى أن زعيم الاستقلال حميد شباط مد يده إلى إدريس لشكر مباشرة بعد انتخابه كاتباً أول للاتحاد الاشتراكي، وأعلن عن إمكان عودة الوفاق إلى الحزبين اللذين تحالفا طويلاً في إطار «الكتلة الديموقراطية». لكن هذا التحالف ليس وارداً إلا في حال إقدام الاستقلال على الانسحاب من حكومة بن كيران، وإن لم يفعل ذلك فإن الوفاق سيكون عسيراً بين حزبين أحدهما في الحكومة والآخر في المعارضة. ولا تستبعد مصادر حزبية أن يكون شباط هدف من وراء ذلك إلى الضغط على رئيس الحكومة بن كيران لتسريع خطته نحو إدخال تعديلات على وزراء الاستقلال في حكومته. كما أن ضغط شباط على بن كيران ربما يرتبط أيضاً بالدور المحتمل لنقابة الاتحاد العام للعمال التي لا يزال يتزعمها زعيم الاستقلال، خصوصاً في حال انضمامها إلى المركزيات النقابية التي دخلت في صراع مفتوح مع الحكومة. ويبدو في رأي أكثر من مصدر أن انفتاح إدريس لشكر على الاستقلال ومكونات اليسار، هدف إلى التقليل من تداعيات ردود الفعل الغاضبة التي صدرت من قياديين في حزبه مباشرة بعد انتخابه. فقد أعلن علي بوعبيد، نجل الزعيم التاريخي للحزب عبدالرحيم بوعبيد، استقالته من الحزب مؤكداً أن «لا شيء بات يربطه به». فيما لم يخف بعض منافسي لشكر أجواء المرارة من فوزه، ما انعكس سلباً على مواصلة أعمال المؤتمر الذي لم يستطع إنهاء كل ترتيبات انتخاب الهياكل القيادية والتنظيمية. لكن ذلك لم يصل إلى حد الانشقاق الذي أبدى مناصرو حزب «الوردة» مخاوفهم من أن ينزلق نحوه، في حال عدم تدارك التململ القائم. وعزت رئاسة المؤتمر إرجاء انتخاب أعضاء اللجنة الإدارية إلى «عطب تقني». وجاء في بيان أصدره رئيس المؤتمر عبدالواحد الراضي أنه لضمان سلامة وإنهاء المرحلة الثانية من الانتخابات التي ستجرى في أقرب ممكن، فإن المؤتمر لا يزال في حال انعقاد قانونياً، وإن المكتب السياسي لا يزال يمارس مهماته في انتظار تسليم المسؤوليات للقيادة الجديدة. غير أن الرهان على الديموقراطية الداخلية وحده لن يحسم في كل الخلافات، ما قد يدفع إلى البحث في صيغة وفاقية تعزز حضور كل التيارات ضد القيادة السياسية واللجنة الإدارية الجديدتين.