مدّ البرلمان الأوكراني يده إلى انفصاليّي الشرق الموالين لموسكو، إذ صادق أمس على منح المنطقة «وضعاً خاصاً» وإصدار عفو عن مسلحين. وأعلن المتمردون استعدادهم ل «درس» الاقتراح، لكنهم اعتبروا أن معقلهم «لم يعد لديه أي رابط» مع كييف. تزامن ذلك مع استعادة الأوكرانيين ذكرى بدء الاضطرابات في بلادهم، إذ صادق البرلمان في أجواء احتفالية، على اتفاق «تاريخي» للشراكة السياسية والاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، الذي فعل الأمر ذاته. وكان رفض الرئيس الأوكراني المخلوع فيكتور يانوكوفيتش توقيع الاتفاق، في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، لمصلحة تعزيز علاقات كييف مع موسكو، أشعل الأزمة في بلاده، ما أسفر عن إطاحته وضمّ روسيا شبه جزيرة القرم واندلاع حرب في الشرق مع الانفصاليين الناطقين بالروسية، ما أوقع أكثر من 3 آلاف قتيل (للمزيد). وبعد مصادقة البرلمان الأوكراني على اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، اعتبر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أن «الوضع في أوكرانيا يتدهور في شكل كبير، كما ازداد الوجود العسكري الأجنبي في مناطق قريبة جداً من حدودنا». وشدد على «أولوية نشر قوات لها قدراتها الذاتية» في القرم وجنوب روسيا. وأعلنت لجان انتخابية في القرم فوز حزب «روسيا الموحدة» الحاكم في موسكو، ب70 من 75 مقعداً في برلمان شبه الجزيرة، وب22 من 24 مقعداً في مدينة سيباستوبول ذات الوضع الفيديرالي. في كييف، صادق البرلمان على مشروعَي قانون عرضهما الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، أحدهما يمنح مدينتَي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين «وضعاً خاصاً» ينطوي على حكم ذاتي لثلاث سنوات، وتنظيم انتخابات محلية في المنطقتين في 7 كانون الأول (ديسمبر) المقبل. واعتبرت الرئاسة الأوكرانية أن الاقتراح الذي يأتي ضمن اتفاق سلام أبرمه طرفا النزاع في مينسك مطلع الشهر، يمهّد لنظام لامركزي ويضمن في الوقت ذاته «سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها واستقلالها»، علماً بأنه تضمّن تنازلات لم تشملها خطة سلام طرحها بوروشينكو في حزيران (يونيو) الماضي. وأقرّ البرلمان أيضاً عفواً عن «المشاركين في أحداث دونيتسك ولوغانسك»، في مشروع يعفي المسلحين من ملاحقات إدارية وجنائية، باستثناء مرتكبي «قتل وتخريب واغتصاب وخطف وإرهاب»، ومَن حاولوا قتل جنود وشرطيين أوكرانيين. كما يُستثنى من العفو المتورطون بإسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية، ما أدى إلى مقتل ركابها ال298. وعلّق أندري بورغين، «نائب رئيس وزراء» جمهورية دونيتسك المعلنة أحادياً، أن قادة الانفصاليين «سيدرسون بعناية» مشروعَي القانون اللذين أقرّهما البرلمان الأوكراني، مضيفاً أنهم «قد يجرون حواراً (مع كييف) في شأن نقاط، لا سيّما الاقتصادية أو الاجتماعية- الثقافية». لكنه اعتبر أن منطقة «دونباس»، في إشارة إلى معقل المتمردين في شرق أوكرانيا، «تخضع لإدارة حكم ذاتي بالكامل، ولم يعد لديها أي رابط مع أوكرانيا». إلى ذلك، اعتبر بوروشينكو أن اتفاق الشراكة الذي صادق البرلمان الأوكراني عليه، «يشكّل خطوة أولى مهمة» نحو عضوية الاتحاد الأوروبي، علماً أن الأخير أجّل تطبيق اتفاق للتبادل الحر مع كييف حتى نهاية العام 2015، للتشاور مع موسكو في الأمر. وأضاف بوروشينكو: «منذ الحرب العالمية الثانية، لم تدفع أمة مثل هذا الثمن الباهظ، لتصير أوروبية». ورأى أن مواطنيه الذين قُتلوا خلال الاحتجاجات في كييف والنزاع في شرق أوكرانيا، «قدّموا حياتهم لنحتلّ موقعاً محترماً في العائلة الأوروبية». وأكد أن بلاده «لم تذعن لابتزاز» روسيا. أما رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز فوصف الاتفاق بأنه «تاريخي»، معتبراً أنه «يوجّه رسالة واضحة جداً مفادها أن البرلمان الأوروبي يدعم أوكرانيا في توجّهها الأوروبي، وسيتابع الدفاع عن أوكرانيا موحدة وذات سيادة».