تشهد مونتريال عروضا ناجحة لمسرحية «مونولوغات محجبة» (Monologues Voiles) للمخرجة والكاتبة والممثلة الهولندية ادليد روزن التي أسست فرقتها المسرحية عام 1996 وترجمت نصوصها إلى 46 لغة عالمية، وجالت على عواصم غربية وعربية. وتتضمن المسرحية خلاصة 76 مقابلة أجرتها روزن في هولندا مع مهاجرات من أصول إسلامية وعربية ممن ينتمين إلى الجيلين الأول والثاني وتتراوح أعمارهن بين 17 و85 سنة. تكشف بطلات العمل عما يدور في حياتهن الخاصة من قصص تضج بأسرار ومحرمات وموروثات عائلية واجتماعية مبنية على قوالب نمطية وأحكام مسبقة. تقدم هذه الحكايات على مسرح بسيط، تلفه ظلمة تبددها أضواء تلاحق الممثلات في حركاتهن وسكناتهن. ويقتصر الديكور على سجادة أرضية داكنة وأريكة من الجلد الأسود اللماع تستلقي عليها بطلات المسرحية اللواتي يرتدين ثياباً سوداً، ويتخذنها (أي الأريكة) أحياناً مسرحاً رديفاً وحلبة للرقص والغناء والعزف على آلتي الغيتار والطبلة. اسم على غير مسمى عنوان المسرحية مثير للجدل، فهو لا يمت، كما قد يتبادر إلى الأذهان، بصلة إلى الحجاب، فجميع النساء سافرات ما خلا وضع إحداهن شالاً أبيض على رأس زميلتها لم يستغرق خلعه ثواني معدودة، وهذا ما يبينه المشهد الأول من المسرحية. وما عدا ذلك، لم تظهر أي إشارة إلى الحجاب طيلة العرض المسرحي. المسرحية كوميدية درامية، وبطلاتها أربع نساء بلجيكيات من أصول جزائرية ومغربية وإيرانية وتركية، تنشأ بينهن علاقات لا تكتنفها أي أسرار أو محرمات، يتناوبن على سردها الواحدة تلو الأخرى عبر 12 مونولوغاً، على غرار شهرزاد، حكاية إثر حكاية، والحديث المباح لا ينقطع عن العذرية وفض البكارة وترميمها وختان الفتيات والزواج القسري والاغتصاب. وهذه المسائل كما يروينها ليست من الأساطير والأوهام، لكنها حقيقة واقعة وإنْ جرت خلف أبواب مغلقة. أما السرد القصصي وإنْ طغت عليه روح الدعابة والسخرية، ربما لاستمالة مشاعرالجمهور وتحاشي الملل، فيمزج الجد بالهزل والفرح بالحزن والوهم بالحقيقة، وهو مضحك ومسل وشاعري ومؤثر وإنفعالي في آن. وكأن بطلات المسرحية يهربن من واقعهن وتاريخهن وثقافتهن وتقاليدهن. ويتميز العمل بالجرأة والسخرية اللاذعة خصوصاً في المونولوغ الذي يتناول مسألة العذرية في المجتمعات العربية المحافظة التي ترغم الفتاة على الاحتفاظ بعذريتها كشرط للزواج، فتلجأ الى تضليل زوجها وخداعه إثباتاً لعذريتها. وتبقى» مونولوغات محجبة»، على رغم ما تضمنته من جرأة في نقد الموروثات الاجتماعية والثقافية السائدة في أوساط المسلمين المقيمين في الغرب، في رأي بعض النقاد الكنديين «عرضاً متوازناً بين رغبات المرأة العربية وحقوقها وحريتها وانفتاحها على الحداثة»، لاسيما أنها تسلط الضوء على تباين الثقافة والقيم والأفكار بين أجيال المهاجرين وطرق عيشهم واختلاف عاداتهم وتقاليدهم، وتفتح باب الحوار لسد الثغرة بين الثقافتين الغربية والإسلامية.