قليلة هي الأعمال المسرحية المستوحاة عن نص روائي، إذ تنال السينما النصيب الأكبر من الأعمال الأدبية خصوصاً العالمية منها. فاللغة البصرية تحقّق رؤية درامية للعمل المكتوب، وجماهيرية واسعة قد تفوق جماهيرية الرواية المنقولة نفسها. ولذلك أثار اقتباس فرقة «جولوني مارتنيلي» الفرنسية لرواية «شيكاغو» للكاتب علاء الأسواني وتحويلها مسرحية، ضجة في الوسط الثقافي في مصر. فتهافت جمهور واسع على مسرح الجمهورية في القاهرة الثلثاء والأربعاء الماضيين، وكذلك على مسرح «سيد درويش» في الإسكندرية أول من أمس، حيث عرضت «لوددت أن أكون مصرياً» من إخراج جولوني مارتنيلي أحد أعمدة المسرح الفرنسي الذي سمّيت الفرقة باسمه. تعتمد المسرحية على المونولوغ الذي يؤديه أحد الممثلين التسعة الذين يشاركون في العرض، وأحياناً على حوار بين اثنين. ويغلب على الأداء الطابع الخطابي الذي يخفف من وطأته تسلّل بعض أغاني فيروز في خلفية موسيقية تلطف الأجواء الحماسية. أما أغاني أم كلثوم فكانت تصدح من آلة تسجيل قديمة وهي جزء من ديكور المسرحية، في إشارة إلى الطبيب المصري (بطل الرواية) الذي يُجري عملياته في أميركا على صوت أم كلثوم. ومعظم مونولوغات المسرحية، أنشودة مديح في تاريخ الحضارة المصرية. ولم يخلُ العرض من بعض النفحات الكوميدية، إذ نالت الثقافة الأميركية قسطاً وافراً من السخرية حين تتحدث مذيعة بلكنة أميركية فجة عن مصر التي لا يعرفون عنها سوى الأهرام والجمال والرئيس الراحل أنور السادات، التي تصفه بأنه «جذاب». يتناول العرض فكرة الرواية المحورية وهي اغتراب الإنسان عن وطنه وحنينه الموجع إلى ثقافته وحياته ووجوده كإنسان له تاريخ ومستقبل. حضر العرض عدد من الكتاب والفنانين منهم المخرج السينمائي هاني لاشين الذي رأى في هذا الحدث بداية لالتفات العالم إلى الأدب المصري المعاصر وإعداد مسرحيات وأفلام عنها كما حدث مع نجيب محفوظ. أما مدير التصوير محمود عبدالسميع فقال إن «العرض قويّ، ولكنه لا يصلح للجمهور العادي لأن الكلام والحوار هما أساس العرض ولن يجد المتفرج ذو الثقافة المتوسطة ما يشوّقه إلى متابعته». واكتفى الكاتب جلال أمين بوصفه العرض بالكبير والممتاز. وقال علاء الأسواني: «الحديث يتجاوز اسم علاء الأسواني وتجربة فنية مغايرة للمعتاد، وأرجو أن يشاهد المسرحيون المصريون العرض ويستفيدوا منه. فهناك طريقة خلاقة ومبدعة لسرد الحكاية في شكل درامي على مدى ثلاث ساعات». وكان الأسواني حضر افتتاح المسرحية في باريس قبل أن تنتقل الى مصر. كما أعلن أن فرقة سويسرية تقدّم عرضاً آخر مقتبساً عن إحدى قصص مجموعته الأولى «نيران صديقة»، على مسرح العاصمة برن.