خوّل مجلس إدارة المصرف المركزي العراقي المحافظ الجديد عبد الباسط تركي صلاحيات رفع قيمة الدينار العراقي في مقابل العملات الأجنبية الأخرى بداية العام المقبل، بعدما اعتبر المحافظ السابق الملاحق قضائياً سنان الشبيبي هذه الصلاحيات والآليات مخالفة للقانون ومضرة باقتصاد العراق. وكان «المركزي» أعلن منتصف السنة نيته رفع قيمة الدينار أمام الدولار من 1120 ديناراً للدولار إلى ألف دينار، تمهيداً لمشروع استبدال العملة المتداولة حالياً بأخرى جديدة بعد حذف ثلاثة أصفار منها. وكانت السلطة القضائية أصدرت في 19 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي مذكرة اعتقال بحق الشبيبي وعدد من كبار موظفي المصرف في قضايا فساد. وأكد الشبيبي في تصريحات إعلامية ضرورة «عدم إعطاء هذه الصلاحيات لشخص واحد ليقرر ما يشاء، بل يجب دراسة القضايا المتعلقة بالسياسة النقدية ومنها خفض سعر الدولار، فضلاً عن متابعة الأسعار والتضخم بدقة، والأخذ في الاعتبار تطورات الأسعار وسعر الصرف في الأسواق المحلية». ولفت إلى أن «مجلس إدارة البنك هو الذي يقرر هذه السياسة بعد دراستها بدقة باعتباره الجهة العليا في البنك وليس المحافظ». وكان رئيس الوزراء نوري المالكي أكد في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أن رؤوساً كبيرة ستسقط في قضية المصرف المركزي، لافتاً إلى أنه لا يتصرف بالأموال العراقية وليست لديه معلومات عن حجمها أو أماكن إيداعها. ورد تركي على تصريحات الشبيبي بالقول إن «قانون المصرف يبيح للمحافظ بصفته المسؤول التنفيذي تسيير العمليات اليومية». ولفت خبير الاقتصاد عماد العبود في حديث إلى «الحياة» إلى أن «معظم المراقبين لقضية الفساد في المركزي متوجسون من نتائج التحقيقات التي تجريها لجنة برلمانية، خشية تسويفها كسابقاتها». وأضاف: «التحقيق سُرّب إلى وسائل الإعلام التي كشفت بعض الحقائق المهمة جداً، منها هيمنة 10 مصارف أهلية فقط على عمليات بيع وشراء الدولار في مزاد المصرف لتصل سحوباتهم خلال الأشهر الثمانية الماضية إلى نحو 30 بليون دولار»، مشيراً إلى «خروق أخرى لا تقل أهمية أدرجت من ضمن التحقيقات، ومنها تحويلات وهمية بنحو 56 مليون دولار لصالح شركات محددة، ولكن من دون تبيان الجهات التي تقف وراء هذه الشركات أو المصارف». ورداً على سؤال حول رفع قيمة الدينار، أكد أن «الكل يعلم بأن قيمة العملة لأي بلد تحدده الأسواق العالمية طالمصرف المركزي هو القائد المسيطر على العملة الصعبة الداخلة إلى السوق وأسعارها». وذكّر العبود مسؤولي المصرف المركزي والحكومة بمساعيهم السابقة لتعزيز قيمة الدينار، مشدّداً على ضرورة أن تكون قيمة حقيقية وليست مجرد أرقام لا تأثير لها، فما الفائدة من رفع قيمة الدينار بينما القوة الشرائية للفرد ستبقى على حالها أو ستتضرّر. ودعت عضو اللجنة الاقتصادية النيابية نورة السالم إلى إدراج قرار رفع قيمة الدينار ضمن مشروع استبدال العملة المزمع البدء به العام المقبل، وأكدت ل «الحياة» أن «أي إجراء يتخذه المركزي يثير زوبعة من الاعتراضات وتتحول الأمور إلى تبادل اتهامات تُستغل سياسياً، ومن الممكن إحالة هكذا مشاريع إلى البرلمان لإبداء الرأي فيها وإقرارها». وعن فاعلية رفع قيمة الدينار، أكدت أن «المواطن العراقي لا يبحث عن أرقام ترتفع وتهبط، بل عن ما فائدة ما أهمها استعادة القوة الشرائية للدينار، في مقابل التضخم الكبير الذي لحق بالاقتصاد خلال السنوات القليلة الماضية». وأوضحت أن «معدلات الغلاء ارتفعت جداً وبات صعباً على المستهلك مواجهتها، وانعكست سلباً على سلة الغذاء، فأي زيادة في معدلات الرواتب تصطدم بارتفاع أسعار المواد، وبذلك تتجه هذه العوائد فقط إلى تأمين لقمة العيش».