تصادق القمة الأوروبية اليوم في بروكسيل على اتفاق لإنشاء «جهاز مراقبة واحد» لمتابعة نشاطات آلاف المصارف في دول الاتحاد الأوروبي، يُعد قاعدة لقيام الاتحاد المصرفي. وسيعمل كخلية الإنذار والتدخل العاجل للحؤول دون انتشار العدوى، وتكرار وقائع أزمة المال التي يشهدها الاتحاد منذ العام 2008. وأعدّ الاتفاق وزراء المال في اجتماعات مكملة أمس وأول من أمس، استناداً إلى اقتراحات كانت قدمتها المفوضية في 12 أيلول (سبتمبر) الماضي وناقشها البرلمان. ورحّبت المفوضية الأوروبية بالاتفاق الذي يشكل أساس قيام الاتحاد المصرفي. واعتبر الرئيس مانويل باروزو، أن «خطوة حاسمة وحقيقية قُطعت على طريق إقامة الاتحاد المصرفي». ولفت إلى أن هذه الخطوة «أتت في الوقت المناسب في طريق دمج الرقابة المالية في منطقة اليورو». وأكد المفوض الأوروبي لشؤون السوق الواحدة ميشيل بارنييه في مؤتمر صحافي، أن «البنك المركزي الأوروبي سيضطلع بدور محوري في هذا الشأن ولا شك في ذلك». فيما أعلن وزير المال الألماني وولفغانغ شيوبيله، التوصل إلى «اتفاق أساسي لإقامة رقابة على المصارف ستبدأ عام 2014». ورأى وزير المال الفرنسي بيير موسكوفيسي، أن «جوهر الاتفاق يمثل تقدماً تحرزه منطقة اليورو في مجال الرقابة الواحدة للنظام المصرفي»، وهو نتيجة الدروس التي استخلصتها دول الاتحاد من أزمة عام 2008. وسيعمل الجهاز على «رصد الصعوبات والتدخل لحلها». وسيعزز الاتفاق دور البنك المركزي الأوروبي، إذ يقود السياسة النقدية بمقتضى المعاهدة الأوروبية، وسيتولى إدارة جهاز الرقابة الواحدة بموجب الاتفاق الأخير. ويتولى البنك المركزي في شكل أولي الإشراف المطلق على المصارف الكبيرة، وأقله على المصارف الثلاثة الرئيسة في كل دولة عضو أو المصارف التي تفوق معاملاتها 30 بليون يورو. ويُقدر عدد المصارف التي ستقع تحت الرقابة المباشرة للبنك المركزي ب 150. ويترك البنك المركزي للأجهزة الوطنية مهمة مراقبة المصارف التي تقل معاملاتها عن 30 بليوناً. وتمثل الأخيرة الغالبية ضمن النظام المصرفي في منطقة اليورو. وتشكل المعادلة حلاً وسطاً بين الحكومات التي تريد الحفاظ على سيطرة السلطات المحلية على نشاطات المصارف. وأوضح وزير المال الفرنسي في نهاية اجتماعات مجلس وزراء المال لدول منطقة اليورو، أن البنك المركزي الأوروبي «يستمر في مراقبة غير مباشرة للمصارف الواقعة تحت إشراف الأجهزة الوطنية، كما يحتفظ بسلطة اتخاذ القرارات المهمة المتعلقة بإعادة الهيكلة والتدخل المباشر لفرض إرادته على الحالات الفردية للمصارف». ويفصل الاتفاق بين الآلية الجديدة التي ستنشأ داخل البنك المركزي الأوروبي لمراقبة نشاطات المصارف والتدقيق في حجم ودائعها والأخطار التي تقدم عليها، والدور التقليدي الذي يتولاه مجلس محافظي المركزي في إدارة السياسة النقدية في منطقة اليورو. ويتمتع البنك باستقلالية عن حكومات دول المنطقة، ويشمل الجهاز الجديد «هيئة الوساطة المباشرة» التي تتابع نشاطات المصارف وتراجعها بدقة. ورأى وزير المال الفرنسي أن الاتفاق «يفتح آفاقاً جديدة تمكن من إصلاح القطاع المالي في منطقة اليورو والاتحاد». وأوضح أن جهاز المراقبة يمثل «المرحلة الأولى التي يمكن البناء على أساسها، بحيث تتمكن آلية الاستقرار الأوروبية من التدخل مباشرة في عمليات إعادة رسملة المصارف التي تعاني صعوبات، ما سيقطع الرابط بين الأزمة المصرفية وأزمة الديون السيادية». وأعلن أن الجهاز الجديد سيمكّن من تحقيق «تجانس أنظمة ضمانات الودائع وإقامة سلطة مدمجة لحل الخلافات». وسيُنفّذ الاتفاق تدريجاً عام 2013 ، على أن يُطلق رسمياً في آذار (مارس) عام 2014. وبذلك يستكمل الاتحاد الأوروبي ترسانة آليات التدخل التي افتقدها خلال تفجر الأزمة عام 2008. ورأى موسكوفيسي، أن أوروبا «تكون استكملت آليات الخروج من الأزمة، مع تزود منطقة اليورو بجهاز المراقبة الواحد، وهي تطلق إشارة في اتجاه العالم حول الثقة في المنطقة وقدرتها على حل الأزمة واستقطاب الاستثمارات». وتنضم إلى عضوية جهاز المراقبة الواحد للمصارف، الدولُ الأعضاء في منطقة اليورو. ويمكن الدول الأخرى الانخراط فيه، لكن الاتفاق يستثني بريطانيا والسويد. وأشار وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن، إلى أن بريطانيا «حافظت على مصالحها»، ولم ينفِ «أهمية القرار بالنسبة إلى منطقة اليورو». إلى ذلك، وافق وزراء المال على منح اليونان القسط الثاني من صفقة القروض، بعد مراجعة مراحل تقدم برنامج الإصلاح والتقشف. وأشار المجلس في بيان، إلى أن «تنفيذ خطة التقشف ستمكّن من خفض نسبة ديون اليونان من الناتج المحلي إلى 124 في المئة عام 2020». ويتوقع أن تصل قيمة ديون اليونان إلى نسبة 179.3 في المئة من الناتج المحلي عام 2013. وأوصى المجلس بأن تقدم الآلية الأوروبية للاستقرار المالي، 49.1 بليون يورو لمصلحة اليونان على أقساط، منها 34.3 بليون يُفرج عنها في الأيام المقبلة. وسيُصرف المبلغ المتبقي في الربع الأول من عام 2013.