لم تمنع قوة العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين من توجيه لوم مستتر إلى بكين، خصوصاً تجاه مواقفها السياسية من بعض القضايا الإقليمية الملحّة في المنطقة، مثل الأزمة السورية، التي خالفت مواقف بكين السابقة ودعمها لكثير من القضايا العربية في المحافل الدولية. وطالب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني الصين ب «إعادة النظر في موقفها تجاه الأزمة السورية تحديداً، ليكون منسجماً مع المواقف الصينية المعهودة». وشدد على أهمية العلاقات الخليجية - الصينية، موضحاً في كلمة له خلال افتتاح «منتدى التنمية المستدامة بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين» في أبوظبي أمس (الأربعاء)، أن «هذا المنتدى يكتسب أهمية خاصة لثلاثة أسباب رئيسة، أولها: أنه يتم بين قوتين صاعدتين في القرن ال21، تمثلان حضارتين عريقتين لهما شأن كبير في الحضارة الإنسانية. وثانيها: أن مجلس التعاون والصين عاقدان العزم على إقامة علاقات وثيقة بينهما، تعتمد على تنمية مصالح شعبيهما وتطلعاتهما وآمالهما، وأن تكون علاقتهما أنموذجاً يُحتذى به في العلاقات بين الدول، وعلى أساس الاحترام المتبادل والمصالح والمنافع المشتركة. وثالثها: أن السمة المحورية لهذه العلاقات هي التنمية المستدامة التي هي المحور الرئيس للعلاقات الدولية المعاصرة. وقال: «أنتهز هذه الفرصة لأنوّه بمواقف الصين الداعمة للقضايا العربية العادلة ومساندتها في المحافل الدولية كافة، وفي مقدمها القضية الفلسطينية، كما أشيد بجهود الصين في دعم التنمية في عدد من دول العالم. ولذلك فإننا في مجلس التعاون نكنّ للصين وشعبها كل التقدير والاحترام، ونتطلع إلى بناء علاقات قوية راسخة معها في مختلف المجالات. إلا أننا نتمنى أن تعيد الصين النظر في موقفها تجاه الأزمة السورية، ليكون منسجماً مع المواقف الصينية المعهودة». وأشار إلى أن العلاقات بين دول مجلس التعاون والصين شهدت خلال الأعوام القليلة الماضية نمواً وتطوراً كبيرين، خصوصاً في المجال الاقتصادي، وأصبحت الصين أحد أهم الشركاء التجاريين لمجلس التعاون، إذ تضاعف حجم التبادل التجاري بين الجانبين من نحو 9 بلايين دولار في عام 2001 إلى ما يزيد على 130 بليون دولار في العام الماضي. وأضاف: «قطع مجلس التعاون لدول الخليج العربية شوطاً طويلاً على طريق التكامل في جميع المجالات منذ انطلاق مسيرته في العام1981. وبدأ في تطوير مسيرته وفق رؤية واضحة، تتمثل في السعي لتحقيق خمسة أهداف استراتيجية رئيسة، وهي: الحفاظ على الأمن والاستقرار في دول المجلس ضد التهديدات الداخلية والخارجية كافة، وزيادة النمو الاقتصادي واستدامته، وتعزيز التنمية البشرية، وتحسين إدارة الأزمات والمخاطر والطوارئ، وتعزيز المكانة الإقليمية والدولية لمجلس التعاون. في وقت كان القاسم المشترك بين هذه الأهداف الخمسة هو عنصر الاستدامة، وهذه الاستدامة تتمثل في ثلاثة عناصر: أولها الحفاظ على الموارد الطبيعية وتجديدها. وثانيها تطوير الموارد البشرية وتعزيز قوتها. وثالثها الارتباط بين هذه الموارد الطبيعية والبشرية واستدامتها من خلال الإدارة الرشيدة، بما يحقق الاستدامة الشاملة. إذ إن هذا الارتباط هو الذي يعكس التكامل بين الأهداف ذات الطبيعة الاستراتيجية، وهو ما نسعى لتحقيقه في إطار المنتدى، وهذا التكامل يتمثل في الجمع بين صناع القرار والمختصين ورجال الأعمال، وهؤلاء الثلاثة هم ركائز أساسية في أي مجتمع». ... إزالة سوء الفهم أكدت نائب رئيس المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني أوانغ جيجن، خلال افتتاح المنتدى أمس، أهمية التنمية المستدامة الشاملة والمتناسقة في الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بين دول المجلس والصين، وقالت: على رغم وجود التنمية المستدامة، إلا أنه توجد فجوة بين الشمال والجنوب، وهو ما يستدعي تشكيل رؤية جديدة تقوم ركائزها على المساواة والعدالة، واستلهام روح العصر ومستويات التقدم التقني الجديدة، والاهتمام بأنماط التنمية، وتعديل هيكلتها». وأوضحت أن «مفهوم التنمية المستدامة مبني على المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة، وتوسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية، وتقديم المساعدات الدولية، إضافة إلى ضرورة إزالة سوء التفاهم الذي يسود العلاقات الدولية، وتسوية الخلافات بالطرق السلمية».