تبدو الأجواء الانتخابية في إسرائيل، قبل 40 يوماً من موعد الانتخابات للكنيست الجديدة (22 الشهر المقبل) وقياساً بجولات انتخابية سابقة، بين هادئة وخامدة ربما لأن نتائجها، بحسب الاستطلاعات، محسومة لمصلحة تكتل اليمين - المتدينين بزعامة رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتانياهو الذي يرى أكثر من 80 في المئة من الإسرائيليين أنه سيواصل الجلوس على كرسيه بعد الانتخابات المقبلة. ويرى معلقون أن ما تبقّى انتظاره من الانتخابات المقبلة هو هوية الأحزاب التي ستشارك في الائتلاف الحكومي وتوزيعة الحقائب الوزارية. ويقرّ مراقبون أن نتائج الاستطلاعات تثبط عزائم أحزاب الوسط الثلاثة، في مقدمها حزب «العمل» أعرق الأحزاب الإسرائيلية الذي تراجعت شعبيته في الأسابيع الأخيرة لمصلحة حزب «الحركة» الجديد بزعامة تسيبي ليفني، ما يؤشر إلى فشل زعيمة «العمل» شيلي يحيموفتش في استقطاب أصوات من اليمين المعتدل إلى حزبها وهي التي بذلت جهداً كبيراً في هذا الاتجاه، سواء من خلال نفي صبغة «اليسارية» عن حزبها الذي عرف حتى الأمس القريب، إسرائيلياً على الأقل، بقائد معسكر السلام، أو من خلال تهميش الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وتغييبه عن أجندة الحزب الانتخابية بداعي أن الأجندة الاقتصادية - الاجتماعية هي التي تستدعي الاهتمام الأقصى. ويثير توجه يحيموفتش نحو ناخبي الوسط واليمين المعتدل جدلاً واسعاً داخل حزبها، إذ بدأت الانتقادات من أركان الحزب على تغييب زعيمته الملف الفلسطيني، وأخذ بعضهم يطالب بإعادة هذا الملف إلى صلب المعركة الانتخابية. ونقلت تقارير صحافية عن مسؤولين في الحزب قولهم إن يحيموفتش أخطأت خطأ فادحاً بتأييد الحكومة الحالية تأييداً مطلقاً في العدوان الأخير على قطاع غزة، وصمتها على مشروع البناء الاستيطاني في المنطقة «إي 1» في القدسالمحتلة. وأشار هؤلاء إلى أن فشل يحيموفتش في مقاربتها الجديدة انعكس في الاستطلاع الأخير الذي منح الحزب 17 مقعداً فقط في مقابل 24 مقعداً قبل شهر. وعزوا ذلك إلى أن أنصار الحزب من اليساريين فضلوا البحث عن حزب يساري يعكس تطلعاتهم، فيما فشلت يحيموفتش في جذب أصوات من اليمين المعتدل. وتحاول ليفني الظهور على أن حزبها الجديد حلّ محل «العمل» في تصدر الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي برنامجه الانتخابي، لكن لعب هذا الدور أيضاً لا يفيد في تحليق الحزب في الاستطلاعات لأكثر من عشرة مقاعد برلمانية. وفي معسكر اليمين تسير المعركة بهدوء، إذ ساهم التحالف بين «ليكود» الحاكم و»إسرائيل بيتنا» بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان في التهدئة. وإذ رأى الحزبان أن «العمل» وأحزاب الوسط الأخرى لا تهدد هيمنتهما، وحّدا جهديهما في منع تسرب أصوات يمينية إلى حزب «البيت اليهودي - مفدال» الأكثر يمينيةً الذي يتعزز نفوذه في أوساط المستوطنين واليمين الديني الصهيوني، وإلى حزب «شاس» الديني الشرقي المتزمت الذي يحاول اقتناص أصوات من «ليكود» بداعي أن الأخير يهمل اليهود الشرقيين رغم أنهم يشكلون غالبية ناخبيه. وتحاول ليفني تكرار شعار المعركة الانتخابية الماضية عندما قادت حزب «كديما» مع 29 مقعداً، «إما نتانياهو أو ليفني»، لكن المعلقين يرون أن الوضع تبدّل اليوم، وما كان صحيحاً قبل عشر سنوات ليس واقعياً اليوم، خصوصاً أن استطلاعات الرأي تتنبأ بفوز «ليكود -إسرائيل بيتنا» بعدد مقاعد يضاهي أربعة أضعاف المقاعد التي تحصل عليها ليفني.