أكدت مصادر نيابية بارزة في قوى 14 آذار ان إمكان تطبيع علاقتها برئيس المجلس النيابي نبيه بري سيكون مدار نقاش في اجتماع يعقد قريباً لرؤساء اللجان النيابية المنتمية اليها ومقرريها يعتبر استكمالاً للقاء الأول الذي عقد الأسبوع الماضي في منزل النائب بطرس حرب. وقالت ل «الحياة» ان المجتمعين سيطلعون على نتائج الاجتماع الذي عقد أخيراً بين بري ووفد نيابي يمثلها ليكون الحضور على بيّنة من الموقف النهائي الذي سيتخذونه والذي يتلازم مع قرار قيادات في المعارضة بضرورة الانفتاح على رئيس المجلس. وكشفت المصادر النيابية نفسها أن النائبين مروان حمادة وسمير الجسر وآخرين ممن شاركوا في لقاء نواب 14 آذار مع بري سيطلعون الحضور على مجموعات من الأفكار التي نوقشت بينهم وبين رئيس المجلس وأبرزها إعادة الاعتبار الى اجتماعات اللجنة النيابية الفرعية المنبثقة من اجتماع اللجان النيابية المشتركة والمكلفة القيام بجولة من المشاورات لعلها تتوصل الى قواسم مشتركة حول أي نظام انتخابي يمكن اعتماده في الانتخابات النيابية المقررة في الربيع المقبل. ورأت أن عودة اللجان النيابية الى استئناف اجتماعاتها نوقشت بين النواب والرئيس بري وقالت ان الأخير لا يمانع في الوقت الحاضر أن تجتمع في غياب الوزير المختص أو من ينوب عنه. وأوضحت المصادر ان بري يرى ضرورة لاجتماع اللجنة الفرعية في مبنى البرلمان لأن ما يهمه ان تنطلق مع معاودة اجتماعاتها من ساحة النجمة على أن يتفق النواب الأعضاء فيها على أن تعقد مداورة في الخارج وأن لا مانع، لضرورات أمنية، أن يعاد النظر في تشكيل اللجنة لجهة استبدال أعضاء جدد بالحاليين على أن يكون النواب البدلاء من التكتل النيابي نفسه. ولفتت الى ان الرئيس بري يقدّر الظروف والاعتبارات الأمنية التي تستدعي من بعض النواب، ممن ترددت اسماؤهم على لائحة الاغتيال بعد عودة هذا المسلسل الى الواجهة باغتيال رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن، وقالت انه ليس مع أن يغامر أحد من النواب المستهدفين بحياته خصوصاً في ضوء ما تردد من انه واحد من المستهدفين بناء لمعلومات وردته من جهات محلية ودولية. ونقلت المصادر عينها عن بري قوله أمام وفد نواب 14 آذار انه يتحصن حتى إشعار آخر في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، وانه منقطع منذ أكثر من تسعة أشهر عن التوجه الى دارته في مصيلح (النبطية). ووصفت موقف بري من اجتماع اللجنة الفرعية بالمرن مع ان لا صفة تقريرية لها، فعملها تشاوري للتوصل الى قواسم مشتركة في شأن النظام الانتخابي الجديد من بين المشاريع المقترحة، سواء المقدمة من الحكومة على أساس اعتماد النظام النسبي أم من المجتمع الأرثوذكسي الذي يجيز للطوائف انتخاب ممثليهم في البرلمان. إضافة الى المشروع المشترك لحزبي «القوات اللبنانية» والكتائب الذي ينص على اعتماد نظام الدوائر الصغرى. وقالت المصادر ان بري، وإن كان يطمح الى نظام انتخابي جديد يقوم على جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس اعتماد النسبية، فإنه في المقابل يقف الى جانب مشروع الحكومة، لكنه يأخذ في الاعتبار المخاوف والهواجس القائمة التي يعبر عنها باستمرار حليفه رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط. هواجس جنبلاط وبكلام آخر، تقول المصادر، ان بري لن يدير ظهره للهواجس الانتخابية لجنبلاط الذي يصر على إحياء قانون عام 1960 مع إدخال بعض التعديلات عليه لمراعاة الهواجس القائمة لدى الأطراف المسيحيين. وعلى رغم ان معظم الأطراف في قوى 8 آذار لا تساورهم أوهام التأسيس لعلاقة جديدة مع بري في منأى عن حلفائه في قوى 8 آذار، فإن المصادر تقول في المقابل، ان هناك ضرورة لإعادة بناء الثقة بينها وبين رئيس المجلس ولو بحدّها الأدنى بدلاً من تكريس حال من الانقطاع، لأن من الأفضل أن يكون التواصل قائماً لئلا يفاجأ الجميع بالمتغيرات التي ستحصل عاجلاً أو آجلاً في سورية. أما في خصوص دعوة اللجان النيابية الى استئناف اجتماعاتها، فتعتقد المصادر في قوى 14 آذار ان معاودتها من دون حضور أي ممثل للحكومة، لا تعتبر بيعة من جانبها للرئيس بري، وإنما هناك ضرورة للتمييز بين موقفها المطالب برحيل الحكومة وعدم المشاركة في طاولة الحوار قبل حصول تغيير حكومي وبين دور المعارضة في البرلمان. وتضيف ان بعض جمهور «14 آذار» يؤيد التمييز بين الموقف من الحكومة وبين ممارسة النواب دورهم في البرلمان، وتعزو السبب الى انه لا يتقبل السلبية في المطلق وهذا ما يدعو الى إعادة النظر بالاعتصام القائم أمام السراي الكبيرة في الوسط التجاري لبيروت لجهة رفعه قبل حلول عيدي الميلاد ورأس السنة، خصوصاً أنه أدى الغرض السياسي المنشود منه وأنه لم يعد من مبرر لتمديده. لذلك، فإن النواب في 14 آذار هم الآن أمام قرار حاسم يستدعي التوصل الى موقف موحد يصار الى إبلاغه الى رئيس المجلس وهذا ما يفتح الباب لبدء جولة من المشاورات بين القيادات الرئيسة في المعارضة إضافة الى النواب المستقلين الذين يحبذون الوصول الى تفاهم مع بري على الأقل لتحييد البرلمان عن الصراع المفتوح بين المعارضة والحكومة. كما ان دعوة بري رؤساء اللجان ومقرريها المنتمين الى قوى 8 آذار لم تكن إلا رد فعل على عدول رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية النائب روبير غانم عن دعوتها الى الاجتماع، خصوصاً ان الأخير كان صاحب المبادرة ولم يطلب منه رئيس المجلس دعوتها الى الاجتماع. ونقلت المصادر عن بري قوله في اجتماعه مع نواب المعارضة ان غانم أبلغه نيته دعوة اللجنة الى الاجتماع وأنه لم يعترض عليها لأن من حقه توجيه الدعوة، لكنه لم يعرف الأسباب الكامنة وراء تغيير موقفه. وقالت ان بري سأل في الاجتماع رئيس لجنة الدفاع والأمن النيابية النائب سمير الجسر إذا كان طلب منه دعوة اللجنة الى الاجتماع، وأكدت ان الجسر وافق بري على قوله عدم الطلب منه دعوتها الى الاجتماع. وعليه تسأل مصادر مواكبة للتحضيرات الجارية للقاء الثاني لنواب «14 آذار» عن الموقف النهائي لتيار «المستقبل» وحزب «القوات» من اقتراح الرئيس بري وعن إمكان توافق جميع المكونات السياسية في المعارضة على توجه واحد، لا سيما ان رئيس حزب «الكتائب» الرئيس أمين الجميل كان أيد الاقتراح وأن النواب المستقلين في «14 آذار» يدعمون العودة الى التواصل بين الكتل النيابية، خصوصاً ان بري كان أكد أمام الوفد النيابي أنه لن يدعو تحت أي اعتبار الى عقد جلسة نيابية ما لم تتوافر فيها «الميثاقية»، وإلا فإن غياب أصغر كتلة نيابية سيدفعه الى صرف النظر عنها، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بكتل نيابية كبيرة ككتلة «المستقبل»، ورمزيتها.