يتطلب حضور الطالب في قاعة المحاضرات استحضار ذهنه وصفائه، والابتعاد عن كل ما يحول بينه وبين التركيز، طمعاً في الاستيعاب وتحقيقاً للفائدة العلمية، لكن هذه القاعدة البديهية لا تروق لنجمة «آنستغرام» وطالبة الماجستير تخصص «لغويات» غادة الغامدي، التي لا تستطيع التركيز إلا وأصابعها تداعب لوحة ترسمها أو عملاً فنياً تلونه، وبينما تتولى يدها الرسم يثبت عقلها المعلومات التي تتلقاها في قاعة المحاضرة كما تقول. وأسهمت مواقع التواصل الاجتماعي، و«آنستغرام» تحديداً في انتشار فنها وقصتها الغريبة، ولديها الكثير من المتابعين يتحمسون لأعمالها، ويطلبون منها المزيد، «حسابي في آنستغرام هو امتداد لحسابي في تويتر، الذي بدأته بدافع الفضول والتجربة، وتحولت منذ عامين إلى الآنستغرام الذي يتميز عن تويتر بعرض الصور، الأمر الذي يسهل لمتابعي حسابي رؤية أعمالي وتلقي طلباتهم عبر حسابي ggghamdi@، فيما استمر حسابي في تويتر بنشاطي الثقافي والتواصل مع المجتمع». وتقول الغامدي إن أقل مدة تستغرقها لتنفيذ لوحة أسبوعاً، كما حصلت على مبلغ 22 ألف ريال الذي تعتبره «أكبر مبلغ أتقاضاه عن لوحة بمواصفات خاصة». وأضافت: «فاوضني أحد المتابعين مبيناً رغبته في دفع أي مبلغ في مقابل حصوله على لوحة معروضة في حسابي عبر آنستغرام، للفنان طلال مداح، لكني اعتذرت منه بأنها لشخص آخر». وحول بداياتها في الرسم توضح الغامدي: «هواية الرسم محببة لدي منذ صغري، إلا أن هوايتي تبلورت بوضوح في الصف السادس الابتدائي، الأمر الذي لفت انتباه والدي فشجعاني ووفرا لي كل المستلزمات في سبيل ممارسة هوايتي وتنميتها». وتضيف: «بعد حصولي على الشهادة الثانوية التحقت بالجامعة لإكمال دراستي في تخصص الترجمة، وكان هاجسي الجمع بين هوايتي ودراستي، وكنت متفوقة في الاثنتين بفضل من الله ثم دعم والدي وإصراري على التفوق». وتلفت إلى أنها تتابع كل جديد في الفنون التشكيلية، وتستغل أوقات فراغها للرسم، وتزيد: «ولا أنس دور مؤسسة الملك عبدالعزيز في تنمية موهبتي والحس الإبداعي لدي، وإتاحة الفرصة لي بممارسة كل أنواع الرسم والتصميم بكل الألوان والخامات، وعلى رأسها عميدة كلية التصاميم والفنون بجامعة الأميرة نورة حالياً الدكتورة حنان الأحمد». وعن طريقتها في التركيز أثناء المحاضرات تقول: «أبدأ الرسم مع الشروع في الشرح، أصغي وبانتباه لكل ما يقال أثناء المحاضرة، وكل المعلومات تُسجل في ذهني تماماً، ولا أحتاج ولله الحمد لأي مراجعة أو استذكار في المنزل، ربما ألقي نظرة على الرسم ليس أكثر، لأنه يساعدني في استعادة المعلومات». وتضيف: «الأساتذة الذين لا يعرفوني يعتقدون أنني شاردة في التفكير في عالم آخر مليء بالفن والرسم، وصدف أني تعرضت إلى التوبيخ والطرد من المحاضرات، لكن الظريف في الأمر أن إحدى الأستاذات طلبت مني إعادة ما قالته أثناء المحاضرة، معتقدة أني لست حاضرة بذهني معها، فتفاجأت عندما وقفت وأعدت لها ما ذكرته بدقة، فضلاً عن ملاحظتي سؤال إحدى الطالبات في مقدمة الصف، وسعال طالبة أخرى في الصف الثاني». وتتابع الغامدي: «الأمر أصبح صعباً عليّ في إحدى محاضرات مادة المقدمة في الأدب الإنكليزي، وكنت خلالها أرسم كل شيء تقوله الأستاذة، وكل قصيدة لكي أحاول الفهم، خصوصاً أنه ليس لدي خلفية جيدة في المادة، وإذا بأستاذتي تقف أمامي قائلة: هل أنا مملة إلى هذا الحد لكي ترسمي بينما أتحدث؟ اعتراني الخوف أن أطرد من المحاضرة مجدداً، لكني شرحت لها أن الرسم وسيلة للاستيعاب لدي، وكانت المفاجأة أنها أعجبت بأمري وشجعتني، بل اختارتني لدراسة حالة». وتطمح الغامدي لترك أثر في مجال فن الرسم مستقبلاً، وتشرح ميلها إلى الرسم التصويري بالقول: «السبب عشقي للتحديات وتصوير الملامح البشرية وتفاصيل الأجسام بدقة، والتوصل إلى ملمس البشرة وتدرجات الألوان في الجسم البشري، إضافة إلى موازنة الظل والنور، وكيفية استشعار ذلك لمن ينظر إلى لوحتك». وتلفت إلى أن الجماجم وتركيبة الهيكل العظمي للإنسان والحيوانات تشدها: «أتمرن على رسمها منذ صغري لأتقنه، وأضيف إلى الهياكل العظمية عيوناً وقبعات لأميز شخصياتها وأرسمها في مواقف يومية كما لو أنها حية».