تحاول الشابة سلوى ان تعبر عن مشاعرها تجاه المجتمع المحافظ في قطاع غزة من خلال لوحاتها المتنوعة التي ترسمها باستخدام مادة القهوة وهي تظهر جمال المراة الغزية. وتبدأ سلوى السباخي البالغة من العمر 23 عاما يومها في ساعة مبكرة باعداد قدح كبير من القهوة التي تتمتع باحتسائها في كل صباح ثم تستخدم بقايا القهوة في رسم لوحات من احجام مختلفة لبيعها في زاوية من محل لبيع الهدايا والديكور. وتقول سلوى التي انتهت للتو من رسم لوحة لوجه امراة ذات ملامح غزية مكشوفة الشعر ترتدي فستانا قصيرا "منذ الصغر كانت هوايتي الرسم، وبتشجيع من الاهل والاصدقاء كبرت معي حتى بحثت عن طريقة مميزة باستخدام القهوة بعد عملها وشربها.. اشعر انني اعبر عن مشاعري واحاسيسي وما يجول في خاطري دون خوف وانا ارسم بالقهوة السوداء". وتتمنى سلوى التي تقيم مع عائلتها في رفح جنوب قطاع غزة ويعمل والدها في طلاء المنازل ان تنظم معرضا للوحاتها في عواصم عربية وغربية مثل دبي وباريس "اللتين يقدر الناس فيهما هذا الفن". وتحاول سلوى ان تنأى بلوحاتها عن مشاهد الدم والعنف التي تزدحم بها الاحداث المتوترة باستمرار في غزة. وتشير الشابة التي كانت ترتدي عباءة وتجلس على كرسي صغير من القش انها تحرص على التعبير عن المراة الفلسطينية كانسانة و"ابرز انوثة المراة الغزية وجمالها، اضافة للجوانب الانسانية في القضية الفلسطينية مثل اللاجئين والقدس والارض". اما فداء النشار (23 عاما) فترسم لوحات مشابهة لكنها تبرع في الرسم على الاكواب الزجاجية حيث تحول الزجاجات المكسورة الى لوحة فنية. وتقول فداء "داخلي ذكريات واحلام اعبر عنها بريشتي بالرسم على الاشياء الزجاجية المكسورة، وهي تجد اقبالا جيدا عندما اعرضها للبيع". وتتابع "عندما ارسم اشعر بالحرية بلا قيود ولا حدود". لكن سلوى التي شاركت في معارض محلية عديدة تعبر عن اسفها "لعدم وجود تقدير لفن الرسم بالقهوة ولا نجد الدعم المالي من المؤسسات الثقافية". وترى سلوى في محل البيع الصغير، الواقع في شارع ضيق في حي الرمال وهو ارقى احياء مدينة غزة غرب المدينة، نافذتها لبيع لوحاتها وتسويقها. وفي زاوية المحل تبدو لوحة كبيرة لشجرة تساقطت اوراقها ويتدلى من اغصانها اشخاص موتى. وتشرح سلوى اللوحة التي تعبر فيها عن تمردها تجاه الواقع الفلسطيني المشتت بتصوير معاناة المواطن العادي كالشخص المشنوق بسبب استمرار الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة. وتضيف بشىء من الحزن ان المردود المالي "ضعيف جدا" حيث ان "قلة من الناس يهتمون بشراء اللوحات فهم يفضلون الاهتمام بتوفير الاساسيات اكثر لكن لدي امل واصرار للمواصلة". وتعتقد ان لوحاتها تنال اعجاب المارة لكن دون ان يدفعهم اعجابهم لشرائها على اعتبار انها ليست من اولوياتهم. وتضيف "اشرب القهوة ثم ارسم بها، هذا فن رائع وغريب وجديد وارخص من حيث التكلفة". ويعاني مئات من خريجي كليات الفنون الجميلة من عدم توفر فرص عمل ولا دعم مالي. واكد عبد السلام صيام امين عام مجلس وزراء الحكومة المقالة ان "حوالى 65 الف خريج في قطاع غزة عاطلون عن العمل"، ويشير الى ان حكومته تعمل للحد من البطالة المتفشية في القطاع الذي تحاصره اسرائيل منذ اكثر من خمس سنوات. وفي المحل، تعرض سلوى لوحات للرئيس الراحل ياسر عرفات والمسجد الاقصى ومشاهد عن حياة اللاجئين الفلسطينيين في الشتات. وتستذكر فداء تدمير الجيش الاسرائيلي بقصف جوي لمنزلها في رفح خلال حرب غزة الاولى نهاية 2008 وتقول "احاول ان استرجع هذه الذكريات بقالب فني مقبول بعيدا عن العنف". وتشير الشابة الى "صعوبات مجتمعية تواجهها الفنانة عندما تجسد المراة في لوحاتها. جسد المراة ممنوع التعرض اليه في الرسم وامنيتي ان يصبح لدى المواطنين الوعي لتقبل هذه الفن". وتعمل فداء داخل منزلها الذي يبدو كالمتحف الصغير حيث تعرض فيه علبا فارغة واواني زجاجية مكسورة باحجام مختلفة مزينة بالورود وبالالوان المزركشة. وتقول فداء في حين كانت تضع اللمسات الاخيرة على تحفة زجاجية تتوسطها شمعة، "اذا بحثت عن الحياة في غزة ستجدها تنبض بالامل والفرح".