تجدد الجدال في كردستان حول إعلان وزارة الدفاع الأميركية أن طائراتها ستشن غارات على الإرهابيين انطلاقاً من محافظة أربيل، في إطار التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، في حين ذكرت تقارير إعلامية أن الوجود العسكري الأميركي في الإقليم قد يكون نواة لإقامة قاعدة عسكرية دائمة. وحذر خبراء من هذه الخطوة التي «ستحول الإقليم إلى هدف للإرهابيين». وقال العضو السابق في لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي شوان طه (كردي) ل»الحياة» إن «الإرهاب بات ظاهرة عالمية، خصوصاً بعد الانتشار الواسع لتنظيم داعش الذي أصبح يهدد المنطقة برمتها، وسط تعزيزه بشرياً من نحو ثمانين دولة، وهذا يطلب إجماعاً دولياً لمواجهته». وأضاف إن «المعطيات على الأرض وانطلاق الطائرات الأميركية من مطار أربيل، نابع من رغبة في إيجاد أقرب نقطة لتوجيه ضربات سريعة وتجنب الدخول في عملية مكلفة من مسافات بعيدة تحتاج إلى دعم لوجستي مستمر، وهذه الخطوة تصب في مصلحة العراق ككل، كون الطيران الأميركي قدم غطاءً جوياً للبيشمركة والجيش على حد سواء». وتتواصل عملية إيصال المساعدات العسكرية من الدول الغربية إلى قوات «البيشمركة» عبر مطار أربيل، فيما وافقت هنغاريا على إرسال 224 طناً من الذخائر إلى الإقليم. وعما إذا كان وجود قاعدة أميركية في أربيل سيولد مخاوف لدى دول مجاورة ويحول المدينة هدفاً للجماعات المسلحة، تساءل طه: «ألا يهدد تنظيم داعش هذه الدول»؟ وأضاف: «سبق للحكومة العراقية أن أبرمت اتفاقاً استراتيجياً مع الإدارة الأميركية، تنص على تزويدها معلومات وتدريب القوات، وتقديم مساعدات عسكرية إذا لزم الأمر»، وتابع: «إذا كان المقصود تحفظات إيران وسورية، فإن الأخيرة منشغلة بمشاكلها مع التنظيم الذي انطلق من أراضيها أساساً، كما أن إيران لديها مواقف معارضة لداعش ومعلنة. والعملية لا تشكل خطورة على هذه الدول وهذا ما أكدته سلطات إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، أما عن المخاوف من أن تصبح أربيل ضمن الأهداف الرئيسية الجماعات الإرهابية، فإن الإرهاب يستهدف الكل وليس لديه جغرافيا محددة». في المقابل، قال عضو «الداخلية والأمن» في برلمان الإقليم أبو بكر هلدني ل»الحياة» إن «موقع الإقليم وانتشار داعش قرب حدوده، حوله إلى جبهة المضادة للإرهاب، لكن تحويل أربيل إلى مركز لانطلاق الهجمات الجوية قد يكون في غير صالح التجربة السياسية للإقليم، ويمكن أن ينظم بطريقة أخرى، أي بتقديم الدعم الدولي لنا لكن من دون أن نصبح ساحة حرب». إلى ذلك، قال المحلل السياسي سامان نوح ل»الحياة»: «إذا تأكدت صحة إنشاء قاعدة عسكرية أميركية في أربيل، فستكون لذلك تداعيات إيجابية وسلبية، فالوضع الأمني في الإقليم سيشهد منعطفاً وسيتحول من منطقة هشة أمنياً إلى منطقة محصنة، وسيترك شعوراً لدى الرأي العام الكردي بالأمان ويعزز ثقته بإمكان تجاوز أي أزمة مستقبلية، فالأقليات تطالب منذ أشهر بحماية دولية»، واستدرك أن «الجوانب السلبية تكمن في إمكان أن يصبح الإقليم نقطة استهداف للجماعات الإرهابية، فالمنطقة الهشة الأمنية تمتد من شمال سورية إلى مناطق ديالى وفيها الكثير من الفصائل المسلحة التي قد تبادر إلى ضرب كردستان لأنها حليف الشيطان الأكبر، وأيضاً قد تظهر حساسيات من جانب طهران التي تتخوف من إنشاء قاعدة عسكرية قرب حدودها، وما سيعقب ذلك من تراجع للدور التركي بعد أن كانت أنقرة تعتبر نفسها البوابة الرئيسية للإقليم، وهذه القاعدة تهمش دورها». وزاد أن «الحكومة الاتحادية لن ترفض بشكل مباشر إقامة قاعدة عسكرية، لكنها ستتحسس نسبياً نظراً إلى تأثرها بالموقف الإيراني، إلا أن الكثير من العراقيين قد يرحبون بالخطوة باعتبارها ستؤمن وضعاً مستقراً».