قالت مصادر سياسية واكبت الجولة الأخيرة من الاتصالات بحثاً عن مخرج من المأزق السياسي اللبناني ومسألة تشكيل حكومة جديدة، والتي أجراها رئيس الجمهورية ميشال سليمان من جهة وشخصيات سياسية حيادية على صلة بالفرقاء الرئيسيين في «قوى 14 آذار» و «تيار المستقبل» و «قوى 8 آذار»، لا سيما «حزب الله» من جهة ثانية، لم تسفر عن نتائج في شأن التوافق على استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تمهيداً لتشكيل حكومة جديدة تكون إما برئاسته أو برئاسة شخصية أخرى حيادية. وأوضحت المصادر ل «الحياة» أن اتصالات الأسابيع الثلاثة الماضية جرت على خطين، الأول قاده الرئيس سليمان الذي طرح فكرة الإتيان بحكومة ثلاثينية من غير المرشحين للانتخابات النيابية المنتظرة في الربيع المقبل، يرأسها ميقاتي إذا قرر العزوف عن الترشح كما فعل عام 2005، على أن تتوزع الحصص على قاعدة الثلاث عشرات، أي 10 وزراء ل8 آذار و10 لقوى 14 آذار و10 يتوزعهم الرئيس سليمان ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط وميقاتي إذا لم يترشح للانتخابات. وقالت المصادر السياسية نفسها ل «الحياة» إن «المستقبل»، في اتصالات معه إما مباشرة أو بالواسطة، اقترح الإتيان بوزراء «غير سياسيين على أن يكونوا مسيّسين، من غير المرشحين للانتخابات»، مقابل اقتراح رئيس الجمهورية وزراء سياسيين غير مرشحين، وإن قيادة «المستقبل» لم تبد رأيها في مسألة رئاسة ميقاتي الحكومة في حال لم يترشح للانتخابات في انتظار اتضاح نتائج هذه الاتصالات. إلا أن المصادر نفسها أبلغت الى «الحياة» أنه بموازاة اتصالات رئيس الجمهورية كان عدد من الشخصيات المستقلة قام بتحرك على خلفية علاقتها بميقاتي و «المستقبل»، واقترحت فكرة تبديل الحكومة لتنفيس الاحتقان في البلد، وأضافت إلى ما اقترحه الرئيس سليمان أنه في حال عدم ترؤس ميقاتي الحكومة المقبلة بسبب ترشحه للانتخابات يجرى ترتيب ضمان التعاون معه لضمان فوزه في النيابة في طرابلس، بعد تخليه عن الرئاسة الثالثة. وكشفت المصادر أن الشخصيات نفسها أجرت اتصالات في هذا الصدد مع ميقاتي و «تيار المستقبل» ومع قيادة «حزب الله» باعتبار أن لا مجال للتوصل الى حل كهذا من دون التداول معها في مسألة تغيير الحكومة، ولأن الحزب هو الداعم الرئيسي لبقائها، بل هو الفريق الأول المصر على عدم استقالتها. وعلمت «الحياة» أن جولة الاتصالات التي أجرتها الشخصيات الحيادية التي قامت بها لم تسفر عن نتائج إيجابية، وأن المواقف توزعت كالآتي: 1- ميقاتي لم يمانع في إجراء هذه الشخصيات اتصالاتها مع الفرقاء حول الأفكار التي تطرحها، من دون أن يلتزم بشيء حيالها، في انتظار معرفة موقف «المستقبل». 2- «تيار المستقبل» لم يمانع أن تقوم الشخصيات المذكورة بمسعاها في البداية، لأنها أبلغت ميقاتي أنه لا يستطيع الاستمرار في رئاسة الحكومة على هذه الحال لأن سياسته تلقى رفضاً من الجمهور السني المأزوم بسبب إبعاد سعد الحريري عن رئاسة الحكومة في عام 2010 وبعد اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن، لعلها تقنعه بالاستقالة، إلا أن قيادة «المستقبل» طلبت وقف هذه الاتصالات لأنها غير مستعدة للدخول في بازار انتخابي مع ميقاتي. 3- الاتصالات مع «حزب الله» أفضت أيضاً الى عدم ممانعة الحزب إزاء إجراء التبديل الحكومي مع التشديد على أن اعتماد خيار شخصية حيادية لرئاسة الحكومة يفترض أن يشمل ضمان نيابة الرئيس ميقاتي ووزير الشباب والرياضة فيصل كرامي. وإذ ربط الحزب موافقته النهائية على هذا التبديل بتوافق جميع الأطراف، فإنه حرص أيضاً على أن يحصل توافق حول الخطوط العريضة للبيان الوزاري للحكومة العتيدة، إذ أصر على استعادة صيغة «الجيش والشعب والمقاومة» فيه. وهو ما أدى إلى توقف الاتصالات في هذا الشأن، نظراً الى أن قوى 14 آذار أعلنت رفضها هذه المعادلة. وذكرت هذه المصادر أن الرئيس سليمان، في الاتصالات التي كان يجريها من جهته، كان تبلغ بطريقة غير مباشرة موقفاً شبيهاً من الحزب يصر فيه على التوافق على مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية أيضاً. وأشارت إلى أن الرئيس سليمان على رغم عدم التوصل إلى نتائج من الاتصالات التي يجريها سيتابع تشاوره مع الأطراف، خصوصاً أن اقتراب استحقاق الانتخابات النيابية يفرض التوصل إلى مخارج تحول دون طرح أي فكرة بتأجيله.