أطلقت حركة «حماس» على الاحتفال بالذكرى ال 25 لانطلاقتها تسمية «حجارة السجيل طريق التحرير»، نسبة إلى المعركة الأخيرة التي انتصرت فيها المقاومة على الاحتلال. وعلّقت خلفية ضخمة للمهرجان طُبعت عليها صورة مؤسسها الشيخ الشهيد أحمد ياسين، واخرى لنائب القائد العام ل «كتائب القسام» الشهيد أحمد الجعبري، وثالثة لقبة الصخرة على أسوار عكا يتوسطها مجسم ضخم لصاروخ «M75» المحلي الصنع الذي أطلق عدد منه على مدن اسرائيلية بعيدة، من بينها تل أبيب ومستوطنات القدس، علماً ان حرف «ام» ينسب الى القائد في الحركة الشهيد إبراهيم المقادمة، فيما ينسب الرقم 75 إلى المدى الذي يصل إليه الصاروخ. وألقى رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل خطاباً وحدوياً شاملاً، بدأه بكلمات وجدانية عاطفية عن غزة والانتصار والمقاومة، بدا معه زعيماً فلسطينياً وعروبياً أكثر منه زعيماً لفصيل فلسطيني محلي، كما بدا صادقاً في توجهاته وأفكاره تجاه المصالحة واعتبار منظمة التحرير مرجعية للحركة والشعب الفلسطيني. وارتفعت نبرة التشدد تجاه اسرائيل في كلمة مشعل وهو يقف أمام مئات الآلاف من أنصار الحركة و «الغزيين» من غير أنصارها الذين حضروا الاحتفال لمشاهدته للمرة الأولى على أرض غزة. وبدت شعبية مشعل في صفوف المنتمين الى الحركة أكبر من شعبية أي قائد آخر في الحركة، في وقت تستعد الحركة لانتخاب رئيس مكتبها السياسي خلال الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة. كما بدا أن شعبيته طغت على شعبية رئيس الحكومة المقالة في غزة اسماعيل هنية الذي يُعتبر الزعيم الأكثر شعبية في صفوف قادة الحركة في القطاع. ووجه مشعل حديثه الى هنية، دون سواه من قادة الحركة، أكثر من عشر مرات خلال خطابه، والتفت اليه مراراً وتكراراً، بينما كان الأول يبتسم دائماً. ووصف مشعل هنية الذي بدا سعيداً بمشاركة مشعل وزيارته، بأنه زعيم «حماس» في قطاع غزة. وتعانق الرجلان خلال الاحتفال والزيارة مراراً وتكراراً، وغادرا منصة الاحتفال معاً كما دخلاها معاً متشابكي الأيدي. وكان مشعل جلس قبل ألقاء كلمته على يسار هنية على المنصة الكبيرة، وعن يساره عضو المكتب السياسي للحركة محمد نصر، والنائب الأول لرئيس المجلس التشريعي أحمد بحر، وعضو المكتب السياسي خليل الحية، فيما جلس الى يمين هنية نائب رئيس المكتب السياسي موسى أبو مرزوق، والى يساره عضوا المكتب عزت الرشق ومحمود الزهار، وغاب عدد آخر من الاعضاء. وفي الصف الأول بين الجمهور، جلس قادة حركة «الجهاد الاسلامي» والجبهتين «الشعبية» و «الديموقراطية» لتحرير فلسطين وحركة «فتح» وممثلين عن وفود عربية واسلامية. وقال مصدر في ادارة المعابر أن نحو ثلاثة آلاف مواطن عربي ومن دول اسلامية حضروا الى غزة لحضور الاحتفال. هنية لاستراتيجية تحرير شامل وقال هنية في كلمته إن الحركة ستبدأ ب «وضع استراتيجية عربية وإسلامية من أجل تحقيق التحرير الشامل لكل أرضنا الفلسطينيةالمحتلة». وأضاف أن «النصر جاء ثمرة للإعداد والاستعداد العميق من فصائل المقاومة الرائدة. سنوات ما بين الحربين كانت إعداد واستعداد وعمل في الليل والنهار، آلاف المجاهدين تحت الأرض وآلاف فوقها، واستشهد في مراحل الإعداد والمهمات الجهادية أكثر من 40 شهيداً وهم يعدون لهذا النصر». وتابع أن النصر تحقق بسبب «وحدة فصائل المقاومة التي كانت عند مسؤولياتها حين اغتال الصهاينة الجعبري وهو قائد فلسطيني وزعيم من زعماء الجهاد لهذه الأمة، وثارت فصائل المقاومة لترد على الجريمة وتقف صفاً واحداً متيناً في وجه هذه الحرب التي دامت ثمانية أيام». وأشاد بوقفة الأمتين العربية الإسلامية مع غزةوفلسطين «وفي مقدمها البوابة الاستراتيجية، مصر القائدة الرائدة». ووجه رسالة دعم قوية الى جماعة «الاخوان المسلمين» التي تعتبر «حماس» رأس حربتها، والرئيس محمد مرسي الذي يواجه اضطرابات عصيبة ومعاضة قوية في الشارع المصري بعد سلسة قرارات اعتبرتها المعارضة غير شرعية. وقال إن حرب 2008 «أعلنت من القاهرة، أما الآن فالنصر أعلن من القاهرة». واعتبر أن «النصر في غزة مقدمة للمصالحة واستعادة الوحدة الوطنية». كلمة قيادي «قسامي» وألقى قيادي في «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية للحركة، كلمة للمرة الأولى في احتفالات الحركة قال فيها إنها «قاتلت العدو الصهيوني خلال معركة حجارة السجيل بعشرة في المئة من قوة المقاومة». وتعهد أن الكتائب «ستقطع اليد التي ستمتد على أبناء شعبنا في غزة». وجدد ما قاله الشهيد الجعبري للاسرائيليين بأنه «ليس لهم هنا إلا الموت أو الرحيل، فالقسام يُعد اليوم رجالاً من الضفة وغزة والعالم العربي والإسلامي، يستعدون لليوم الذي يزحفون فيه للقاء الصهاينة». وأضاف: «زمانكم ولى، وآن أوان رحيلكم، فلتعدوا جوازات سفركم ولترحلوا». ودعا الأمة الى «النفير من أجل فلسطين»، موجهاً التحية الى إيران «المدد والثورة»، والى تركيا «الخلافة»، معتبراً أنه «آن الآوان لتحقيق المصالحة». مشاركة «فتحاوية» في الاحتفال وشارك قياديون من حركة «فتح» في الاحتفال، للمرة الأولى منذ سيطرة «حماس» على القطاع في 14 حزيران (يونيو) عام 2007، جنباً إلى جانب مع قادة الفصائل الاخرى. ورفع المشاركون الآلاف من رايات الحركة وأعداداً قليلة من أعلام فلسطين، فيما رفرف عدد أقل من رايات «فتح» الصفراء في أيدي «فتحاويين» شاركوا في الاحتفال، ما يؤشر الى مناخات أفضل قد تسهم في تحقيق المصالحة. وقال «فتحاويون» إنهم جاؤوا لمشاركة «إخوانهم» في «حماس» ذكرى انطلاقتها. وقدرت الحركة أعداد المشاركين بنحو نصف مليون مواطن توافد كثيرون منهم منذ ساعات الصباح، فيما نقلت مئات الحافلات مواطنين من مدن القطاع المختلفة. وانتشر المئات من عناصر «القسام» ورجال الشرطة التابعة للحكومة التي تقودها الحركة، في شوارع مدينة غزة وفي المنطقة المحيطة بساحة الكتيبة. وقال عضو المكتب السياسي للحركة عزت الرشق المقرب جداً من مشعل إن قيادة الحركة تلقت تحذيرات إسرائيلية بإلغاء التهدئة في حال زيارة وفد قيادتها في الخارج برئاسة مشعل القطاع. وأضاف في مقابلة مع فضائية «الأقصى» التابعة للحركة أمس إن مشعل «حدد موعد زيارته لغزة حتى لو استشهد على أرضها».