بدأ رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل امس زيارة تاريخية، هي الأولى له لقطاع غزة، حيث لاقى استقبالاً رسمياً وشعبياًَ حاشداً، وسط توقعات بأن تكرّسه هذه الزيارة زعيماً ل «حماس» في المرحلة المقبلة، رغم اعلانه مرارا انه لن يترشح لرئاسة المكتب السياسي للحركة. ومن المقرر ان يشارك مشعل خلال زيارته التي تستمر اربعة ايام واحيطت بإجراءات أمنية مشددة، في احياء الذكرى الخامسة والعشرين لانطلاقة «حماس» التي تسيطر على القطاع منذ العام 2007. وما أن وطأت قدما مشعل ارض معبر رفح الحدودي، حتى سجد وقبل التراب قبل ان يبكي فرحاً ويعانق رئيس وزراء حكومة «حماس» المقالة اسماعيل هنية. وصافح مئات المستقبلين قبل ان يعلن في كلمة مقتضبة في المعبر: «نحن السياسيين مدينون لشعب غزة والمقاومة، ولولاكم لما زرنا غزة. اليوم غزة، وغدا رام الله والقدس، وبعدها يافا»، متنمياً ان «يرزقني الله الشهادة على ارض فلسطين». كما زار مشعل منزل مؤسس الحركة الشيخ الشهيد احمد ياسين، معتبرا أن الاخير كان رمزاً للمقاومة والمصالحة، متعهداً المضي قدماً مع قادة الحركة في الداخل والخارج حتى تحقيق المصالحة الوطنية. وفي وقت لاحق، زار مشعل منزل نائب رئيس «كتائب القسام» الذي اغتالته اسرائيل اخيراً احمد الجعبري، كما زار عائلة الدلو التي فقدت 12 من افرادها خلال الحرب الاخيرة. من جانبه، وصف هنية الزيارة بأنها «انعطافة تاريخية، وخطوات واثقة نحو العودة»، و»ثمرة من ثمرات الصمود وانتصار غزة والضفة والقدس». كما رحب القيادي في «حماس» محمود الزهار بهذه الزيارة التي قال ان «لها دلالات كبيرة»، مشيرا الى انه «مهما غاب الفلسطيني عن وطنه فسوف يعود». ويرافق مشعل نائبه موسى ابو مرزوق وعضوا المكتب السياسي للحركة عزت الرشق ومحمد نصر. وتأتي هذه الزيارة بعد نحو 3 اسابيع من صمود اهالي قطاع غزة ومقاومته امام الحرب الاسرائيلية الاخيرة، كما تأتي قبل اسابيع معدودة من انتخابات المكتب السياسي لحركة «حماس» نهاية الشهر الجاري. في هذا السياق، يُنظر الى الزيارة على انها ستكرس مشعل قائداً ل «حماس»، رغم أنه أعلن مراراً نيته عدم الترشح لرئاسة المكتب السياسي لفترة جديدة. لكن مسؤولين في الحركة لم يستبعدوا ان يعدل عن قراره في ضوء التطورات التي افرزتها الحرب الاسرائيلية على غزة، والتي كرست «حماس» لاعباً رئيساً في المعادلة الفلسطينية. في هذا الصدد، اكدت مصادر مطلعة ل «الحياة» في رام الله ان أطرافاً مهمة في المنطقة، مثل مصر وقطر وتركيا، مهتمة كثيرا ببقاء مشعل على رأس «حماس» في المرحلة المقبلة لأنها ترى انه الاقدر من بين قيادات الحركة على تمثيل الحركة في المعادلة الاقليمية في مرحلة ما بعد الربيع العربي والحوار الجاري بين الغرب و»الاخوان المسلمين»، إضافة الى دوره المرتقب في التوصل الى اتفاق مصالحة مع الرئيس محمود عباس يعيد توحيد الفلسطينيين تحت قيادة واحدة. ويرى مراقبون انه مهما كانت اهداف الزيارة، فإن وصول مشعل الى غزة مؤشر مهم على تعاظم دور «حماس» وخروج القطاع من الحصار الى صدارة المشهد الفلسطيني. وكان يفترض ان يزور غزة ايضاً الامين العام لحركة «الجهاد الاسلامي» رمضان شلح ونائبه زياد نخالة وكذلك القيادي في «حماس» صالح العاروري، الا ان مصادر فلسطينية موثوقة كشفت ل «الحياة» في القاهرة ان مصر ابلغت المسؤولين الثلاثة رسمياً ان اسرائيل تضع «فيتو» على زيارتهم، وان دخولهم غزة يهدد التهدئة الموقعة بعد الحرب. واضافت ان مسؤولين اميركيين اتصلوا بمصر واكدوا ضرورة التزام المطالب الاسرائيلية بعدم السماح بالزيارة. اما بالنسبة الى مشعل، فقالت المصادر ان اسرائيل لم تسمح صراحة له ولوفده بالزيارة، لكنها اوضحت للمصريين بأن لا مشكلة لديها في دخولهم الى القطاع.